روايات رومانسية عربية رواية التباس
روايات رومانسية عربية
روايات رومانسية عربية رواية التباس مع فصل جديد من رواية التباس ، الفصل المدهش من حيث سير الأحداث و الحبكة ، و السرد ، سوف نقرأ أجمل على موقعنا ، يمكنكم متابعة المزيد من روايات رومانسية عربية
روايات رومانسية عربية الفصل التاسع الواعظ ميكاسا
اكتست مدينة هوبم حُلل الظلام وما عاد فيها ضوء يضئ عتمتها ، ما عاد فيها شيء ينبض بالحياة سوى تلك الأفواه التي تتنفس خوفًا من خلف جدرانها ، وتلك القلوب النابضة بشدة من جراء ما حدث ، والعقول التي تضرب أخماسًا وأسداسا من الحيرة ، إنه ليل كأي ليل لكن هذا الليل تفرَّد بالبؤس والخوف …
حيث الرياح تحرك الأغصان الذابلة وتحملها بين الطرقات الشاسعة كي تجعلها تتراقص أسفل تلك المقاعد الخشبية المتراصة بين الطرقات التي باتت مرتعًا للعشاق ، والكل بين الجدران يلتحف بالخوف .
كانت لينا تصرُّخ مما شاهدته من اختفاء الطفلة ميري وما وردها على لسان العقيد جاك بما حل على والدها بالتهمة التي وجهت له، كانت تبكي بحرقة وألم وخدودها المحمرَّة مثل تفاحة تحت أشعة شمس حارقة، كانت ترددَّ بصوتٍ متهدج بالبكاء:
لا تنسى قراءة : روايات صلاح عربية
– لقد حذرته من الذهاب لقسم الشُّرْطَةَ إلا أنه رفض وهذه هي النتيجة . والدي ضابط شريف ما الذي يجعله يقتل ؟ هذا محال ولا يمكن لشخص عاقل تصديق هذا الهراء، وكيف لرئيس قسم في الشرطة أن توسوس له نفسه بتصديق هذا حتى يأمر بحبسه دون وازع من ضمير ، بالرغم من أنه كان أحد أبرز ضباطه قبل هذا .
أقترب منها جاك بخطوات مهزوزة تُعبر عن ما بداخله من حزن عميق وزهن شارد في فضاء الهم والتوتر ، ثم وضع يده على كتفها محاولًا تهدئتها، إلا أنه أَيْضًا يعاني الهم نَفْسَهُ بعد اختفاء طفلته التي انتظرها عقد من الزمان ، فلذة كبده التي جعل غرفتها مزينة بصور الطبيبات في مستشفى هوبم والالعاب التي تحاكي عمل الأطباء، فقد كان يأمل أن تصير ميري طبيبة في هوبم ، طبيبة يفخر بها في نهاية العمر ، طبيية تكتب له دواء تقدم العمر، ها هو الآن يشاهد تحطم آماله وأحلامه في شيء من الثانية ، قال بمرارة وحزن:
– صدقيني يا لينا حتى أنا حزين على ما آلت آليه الأمور ، وفي غرارة نفسي متيقن تمامًا بأن جاكوب ضابط نزيه ومحال أن يقدم على قتل متهم ، ولكن أعدك بأنني لن أتخلى عنه وسأقف بجانبه وسأبحث عن الجاني الحقيقي بأنجع الطرق لحل هذه الأزمات التي حلت علينا بغتةً!
– أي دليل هذا يا سيد جاك وقد كبلت يديه بالسلاسل ، أيعقل بعد كل هذه السنوات والخدمة الطويلة التي قدمها والدي تكون هذه نهايته ؟
تململ جاك في خجل ونظره نحو الأرض ويده حول فمهُ كأنه يبحث عن كلمات تصف ما بداخله ، كأنه يبحث عن شيء ليبرئ نفسه أمامها إلا أنه فشل وسالت دمعة ساخنة بللّت خديه ، حينئذٍ احتضنته لينا في حالة لا شعورية ونظرات زوجته كانت كالسهم تشاهد ما يدور بين زوجها ولينا ، إلا إنها لم تتفوه ببنت شفَّة خَاصَّةً وأنها جزء من هذه المشكلة قالت :
– أريد رؤيته يا سيد ، هل يمكنك مساعدتي في رؤيتهِ الآن ؟
تابع المزيد من : رواية التباس الفصل السادس
قال جاك بعد أن سكت لحظة وهو ينظر لمن حوله :
– الوقت متأخر يا لينا ، ولا زال أمامنا قضية أخرى في البحث عن طفلتي الضائعة . لكن يمكنني أخذك إليه لرؤيتهِ في الصباح .
انتفضت لينا غاضبة ثم استدارت بسرعة وهي تقول بغضب عارم :
– أنت أبحث عن ابنتك وأنا سأذهب إليه ، لن أَعَدٌّ إلى المنزل قبل رؤية والدي و الإطمئنان عليه .
عندما أكملت هذه العبارة كانت قد وطأت ساقيها عتبة باب الخروج ثم استدارت يسارًا قاصدة قسم شرطة هوبم العام وصوت السيد جاك يهتف من خلفها :
– توقفي يا لينا الوقت مُتَأَخِّرٌ ، توقفي سأذهب معك ، توقفي أيتها المجنونة، لا تقلقي والدك بخير .
روايات رومانسية عربية القسم الثاني
لكنها كانت كمن لدغتها أفعى ، تظاهرت بأنها لا تسمع صوته ، إلى أن عبرّت الطريق العام وتوقفت في محطة سان 14، ذلك الموقف الذي يعمل طوال الاربعة وعشرين ساعة في خدمة توصيل المواطنين بسيارات الأجرة . توقفت وهي تهتز وتعاني من عدم الثبات وعلى ملامح وجهها التوتر الشديد إلى أن وقفت بجانبها سيارة، أجرة كادت أن تلاصقها ثم انحنت بخفة وهي تقول:
– أريد الذهاب إلى قسم شرطة هوبم العام و …
ثم بترت عبارتها عندما لاحظت وجود فتاة أخرى تجلس في الخلف ، ثم أتبعت تقول وهي تتراجع قليلًا للخلف :
– لماذا توقفّت وأنت تحمل شخص معك ، أذهب فأنا لا أريد الركوب مع أشخاص في سيارة واحدة .
– أنها سوف تنزل في المنعطف القادم ، هيا أصعدي .
وأخيرًا أقتنعت لينا بأن تجلس بالقرب من الفتاة التي كانت تجلس وتحدث أحدهم على الهاتف بصوتٍ عالٍ ، وبعد أن تحركت سيارة الأجرة انتبهت لينا في حديث الفتاة الجميلة وهي تقول وتنظر لها بطرف عينها :
– وما شأنه هو بقضية مستر كروجند ، إنه ضابط غبي جدًا ، إنه دَائِمًا ما يتظاهر بالقوة وهذه نهاية أي ضابط يفتح ملف الأحفاد .
رمقتها لينا بنظرَّة ثاقبة تحمل من الشكوك ما يكفي ، حين لاحظت ارتباك الفتاة من نظرتها ، وقتئذٍ أتبعت الفتاة تقول :
– نعم، ضعوه له في وجبة الافطار التي تعطى للمساجين . أنا سأغلق المحادثة يبدو أن القطة انتبهت لي .
هنا قفزَّت لينا في وجه الفتاة وانهالت عليها بالضرب والصراخ وهي في حالة غضب عارم و هي ترددَّ :
– أنتِ تقصدين والدي ، والقطة هي أنا اليس كذلك ، سأقتلك الآن إن لم تعترفي بالحقيقة من أنتِ ؟
ولكن بترَّ عبارتها سائق السيارة عندما وجه فوهة مسدسهُ نحوها وهو يميل واضعًا يده الاخرى على عجلة القيادة ويقود السيارة ببطء شديد ، ثم قال بصوتٍ أجش وبؤبؤة عينيه تتحرك هنا وهناك بتوتر بالغ واضطراب ، ويتطاير الشررَّ من من وجهه العابس :
– أنزلي هنا وإلا قتلتك ، وهذه الرسالة التي استمعتي لها الآن يجب أن تصل إلى والدك هيا أنزلي ، هيا لا تنظري لي مثل البلهاء .
دفعتها يد الفتاة بقوة خارج السيارة لتستقر أرضًا وهي تلهث وتتنفس بصعوبة بالغة ، ثم استجمعت قواها للحظة ونهضت وهي تتلفت يمنا ويسارًا كانت وكأنها في حلم . لم تصدَّق ما حدث للتو ولكن في الوقت نفسه لم تفقد العزيمة في بلوغ مقصدها ، ولم ينتابها شعور بالتراجع ، إنه ذاك الشعور المفعم بالحُب إنه الحب الفطرى ، ذاك الحب الذى يجعلنا نفعل كل شيء
من أجل من نحب ، حتى لو أدى ذلك التضحية بحياتنا، إنه حب الابنة لأبيها.
بعد عناء وجهد بلغت لينا مركز شُرْطَة هوبم العام ، عندما انطلقت مسرعة نحو باب الدخول وهي تضع الف سؤال وسؤال تنوي أن تطرحه على والدها ، بين ثنايا روحها ألف عتاب وعتاب له ، لأنها حذرَّته من ذلك مسبقًا، ولم تتلاشى تلك التحذيرات التي تلقتها من سائق السيارة والفتاة التي كان وجهها ينضح شرًا ، في هذه اللحظة سمعت صوتا عذبًا ينادي من بعد خطوات :
– لينا توقفي من فضلك !
توقفت فجأة ثم بصرت بخفَّة وهي تبعد خُصلات شعرها لتجد شابًا يافعًا يقترب منها حاملًا معه حقيبة سوداء ، ليقول بصوتٍ أَكْثَرَ عذوبة و وجه يخفي أحساس عميق وابتسامه رقيقة :
– لم نلتقي من قبل ولكنك في كل ثانية من حياتي أنتِ لي نورًا يضيء عتمتها ، أنتِ كل شيء في حياتي ولن أجد أصدق الكلمات التي يمكن أن تعبر عن ما بداخلي تجاهك ، إلا أن صروف الليالي حالت دون أن التقي بك إلا في هذا المكان ولكننا سنلتقي يوما ما حتمًا .
عقدت حاجبيها وتفرّست في وجهه وتلعثم لسانها كانت كلماته الصادقة قد لامست جزء ما في دواخلها إلا أنها لم تكن ماهرة في طرح الأسئلة ، بل نفذَّت أسلوب ابنة الضابط عندما هتفت محتدمة من أنت وماذا تبغي مني ، تكلم وإلا أبلغت ذاك الشرطي .
تبسَم الفتى متقدمًا خطوة أخرى نحوها ، وقد جمع يديه أمامه قبل أن يقول :
– ماذا سيفعل بي الشرطي ؟ هل سيحاكمني بالسجن ؟ لا يهم فأنا قد حققت حُلمي بالبوح عن مشاعري تجاه من أحببت .
ثم استدار الفتى وغادر المكان في هدوء دون أن يجيب على تساؤلاتها التي باتت مصدر قلق كبير لها، حينئذٍ توقفَت لحظة وهزَّت برأسها بابتسامة بلهاء ودلفت داخل مبني الشرطة ، وقد كانت أكثر حيوية و نشاطًا كأنها كانت قادمة من لقاء حبيب ، كانت هذه الدقيقة بمثابة ساعة من الارشاد النفسي كي يعود المتوتر لحالته الطبيعية…
ثم استقرَّت جالسة في صالة الزوار تنتظر الإذن برؤية والدها، كانت الصالة شبه خالية سوى صوت التلفاز القابع في إحدى زواياها وانتبهت لإعادة لقاء صحفي مع وزير الصحة الذي كان في صبيحة اليوم ، ثم جعلت تشاهد وتسمع حديثهُ بشرُّود حتى يأتيها الإذن لرؤية والدها، لكنها جفلّت عندما انتبهت لتلك السيدة البدينة التي كانت تترجم حديث الوزير بلغة الإشارة ، فقد كانت لينا خبيرة في هذه اللغة ، حينهل فغرُت فمها وهي تردد :
– يا للهول، يا للهول ماذا يحدث في هذه البلدة .
ثم هتفَّت بصوتٍ عال تنادي الضابط الذي جاء بالقرب منها وهي تردد :
– أنظر ياسيدي ، أنظر للتلفاز وما تقوله تلك السيدة التي تقوم بترجمة حديث الوزير. حينها حملق الضابط على التلفاز بُرَّهة ثم أتبع :
– ولكن أنا لا أفهم لغة الإشارة ، أخبريني ماذا تقول الترجمة ؟
– قالت بلسان متلعثم ينم عن صدمتها بعد رؤية هذا المشهد المريع، ثم ألقت كلماتها بأنفاس متصاعدة و هي تحرَّك يديها وتحملق في وجههِ بعينين بدا عليهن الزُعرَّ :
– إنها تقول بأن هُنَاكَ فتاة ستذهب نحو قسم شرطة هوبم في الثانية صباحًا لتقتل خمسة أشخاص بالسم، بعدها سوف تخرج من القسم نحو منزل ضابط مشهور .
جفل الضابط وأصبح ينظر لها بتعجب واستنكار ، وقد بدر في ذهنهِ للوهلة الأولى بأنها ليست على وعيها ، خَاصَّةً وأن هذا اللقاء الصحفي كان مُنْذُ الصباح الباكر ، ولم ينتبه أي شخص بهذا الأمر ، ثم أصبح يلقي لها سؤالاً تلو الآخر إلى أن تفهمت شعوره وحاولت إثبات صحتها العقلية …
دفنت لينا يدها داخل حقيبتها ونزعت بطاقة تثبت عملها في منظمة خاصة برعاية الصم والبكم ، وقتئذٍ شعر الضابط بخطورة الموقف وسارع بالإتصال بالعقيد جاك عدة مرات ولكنه لم يجب، ثم قال لها بشيء من التوتر :
– أجلسي وأخبريني هل قالت شيء آخر ؟
– هذا ما قالته وسط ترجمتها لحديث الوزير ، وهذا إن دل إنما يدل على وجود خطب ما خَاصَّةً وأن طفلة العقيد اختفت قبيل ساعة .
عقد الضابط حاجبية ثم عدل جلسته والقى نَظَرَةً لساعة يده وقد كانت بالفعل الساعة تشير للثانية صباحًا ، وقتئذٍ شرَّد ذهنه وذهبت به أفكاره في وادٍ سحيق ، حيث أصبح يعيد تكرار ما قالته وربط ما حدث ثم نطق بحدة :
– الآن الساعة الثانية صباحًا ولم تأتي فتاة للقسم سوى أنتِ ، وقد تحقق حديث المترجمة لأنك قلتِ بأن طفلة العقيد اختفت قبل مجيئك إلى هُنا، وهذا يعني بأنكِ أنتِ من فعل هذا الأمر ، والأن أنتِ هنا كي تقومي بقتل من في القسم .
قفز الضابط وهو يهتف وينادي لأفراده وقد نزع مسدسه وهو يقول :
– لا تتحركي من مكانك حتى يتم التحقق من هويتك.
شعرَّت لينا بالغضب والضيق من تصرفه ، ثم نهضَت تحدثه وقد كانت محتدمة و هي تحرَّك يديها هنا وهناك:
– أنا ابنة الرائد جاكوب أيها الغبي ، كيف لي فعل هذا و إِخْبَارَكَ به .
ثم بترَّت عبارتها بعد أن قرأت الديباجة التي على جانب صدره الأيسر وهي تقول ساخرة :
– أنت الملازم روبن ، آه فهمت يقول الناس بأن ضابط غبي للغاية ، وهذا ما بدا لي الآن ، من فضلك أريد رؤية والدي الآن .
ردَّ الضابط بفمٍ فاغرَّ ، في شيء من الدهشة والبلاهة :
– هل حَقًّا أنت ابنة الرئد جاكوب ، آسف تقبلي اعتذاري. ولكن كان حديثك صادم لدرجة كبيرة وقد شعرَت للحظة بأنكِ الفاعلة ، هيا اتبعيني كي تحدثي والدك .
ثم تقدَم الضابط بخطواتٍ مسرعة تخفي تودده لابنة جاكوب ، كأنه يطلب منها أن لا تخبره بما حدث وهي فهمت ذلك بالفعل.
روايات رومانسية عربية القسم الثالث
لم يخامر خاطر آنتيل وبوغدون يومًا بأن يستيقظوا على هذا الواقع، حيث المباني القصيرة التي تشبه الأكواخ ، التي كانت على شَكْلٌ دائري تحيطها أشجار النخيل العالية والخيول تسبح في العشب الأخضر، والطيور البيضاء والحمراء والصفراء تزينه وكأنه رسمة لفنان معاصر.
كانت أسرَّاب من الطيور تحلق في الفضاء الرمادي وتتأهب للهبوط لتروي ظمأها وتحمل ما تفضل الله لها لصغارها في تلك الأعشاش الدائرية المائلة فوق أشجار النخيل، ونفس الصباح الباكرَّ يودع ليلة ظلماء حملت معها من الأحزان ما حملت وزغزغة العصافير تعزف ألحانا صباحية رنانة تتغنى و كأنها ترحب بهُنَّ .
حين توقفت السيارة أمام منتجع بدا وكأنه منذ عصور قديمة ، حسب تصميمه الحجري النادر ، والابواب الخشبية الناصعة ، نزل رجل بدين من سيارته وتقدم بثقل ليفتح لهن وهو يقول بصوتهُ الأجش:
– نحن في منتجع شارل ، لا يمكنني فعل أكثر من هذا، يمكنكم طلب المساعدة من صاحبه حتى يدبَّر لكم سبيل العودة إلى الديار . هنا قالت بوغدون في تعجب واضطراب وهي تمسك بيد أنتيل المتعبة :
– شُكْرًا لك سيدي على هذه الخدمة العظيمة ، هلا عرفتنا بإسمك !
ردَّ وهو يعود داخل سيارته ويعدل بنطاله :
– لا يهم، أتمنى لكم إقامة سعيدة .
ثم انطلق بسيارته يسابق الرياح تاركًا بوغدون في حيرة، إلا أنها لم تهتم لأمره واعتبرت أنه شخصية صارَّمة لا تهتم بمعرفة الآخرين، ثم مَضَتْ تقدم رجل وتؤخر آخرى إلى أن استقروا داخل المنتجع بحثًا عن من يمد لهن يد العون .
روايات رومانسية عربية القسم الرابع
نظافة المكتب ليست على ما يرام ، ما الذي حدث يا وكيل عريف ألبينو ، ألم أخبرك مسبقًا بأن تهتم بنظافة المكتب جِيدًا ؟ آمل أن لا أتحدث في هذه النقطة مرة آخرى.
– حاضر سيدي.
حمل الوكيل عريف ألبينو سلة الْقُمَامَةَ وعلى يده الآخرى مكنسة خشبية ، ثم خرج وأغلق الباب خلفهُ في انضباط تام ، حينئذٍ جلس العقيد جاك على مقعده وجعل يهتزَّ على كرسيه هنا وهناك في شرود و هو يفكر بعمق، ثم أشعل سيجارة وأخرج خيطًا سميكًا في فضاء مكتبه …
علی الرغم من تلك الورقة المعلقة أعلى الجدار والتي تحذر الضيوف من التدخين، ثم راح يكتب على ورقة ما لدقيقة ، ثم خطَّف سماعة الهاتف طالبًا إحضار الرائد جاكوب للحديث معه في الجريمة المنسوبة إليه، لم تمُرَّ دقائق حتى طرَّق الباب ودلف الرقيب المسؤول وخلفه جاكوب يرتدي الزي المدني وعلى يده عصاهُ التي لم تفارقه حتى في أشد المحن، ثم جلس يواجه جاك ليقول بعد أن أخذ نفسًا عميق:
– هل رأيت ما أنا فيه يا جاك ؟
– لقد حذرَّتك وقلت لك أن كروجند ليس بالرجل السهل وهذه هي النتيجة .
عاد جاكوب بظهره للخلف ليقول بمرارة وحسرَّة:
– أنا واثق بأن الرجل الثمل الذي جالسته هو كروجند وليس الرجل المقتول، فقد قاموا بقتله و وضعوا جثتهُ في منزل كروجند وقاموا بتزوير إسمه، إنها الحقيقة يا جاك صدقني .
سكت جاك برهة ثم وضع عقاب سيجارته على المطفأة ثم شبك أصابعه أمام فمه ليقول:
– ولكن إذا أفترضنا إن حديثك حقيقي، أخبرني كيف تم فعل كل هذا في وقت لا يتجاوز النصف ساعة منذ خروجك من منزله وقدومك لي . ووقت حدوث الجريمة، وشهادة أهل المنطقة أجمعت على أنك آخر من دخل منزل کروجند.
انتفض جاكوب بحدة وهو يلوح بيديه ويتطاير رزاز الغضب من فمه:
– أنا كُنتُ في موقع الحادثة في تمام الثالثة ظهرًا . عندما دخلت منزل کروجند كانت الساعة الثالثة والنصف لأنني لم أتوقف كَثِيرًا فى مَسْرَحٌ جريمة المقهى، ثم بعد خروجي بنصف ساعة حَدَثٌ كل هذا في لمح البصر . نحن في عصر السرعة حتى في الجريمة .
في الوقت الذي إشتدَّ الحوار وصار مكتب جاك مثل موقد نار تتصاعد منه ألسنة اللهب؛ طُرَِّق الباب ودلف الرقيب وألقى التحية بإحترام ثم طلب الإذن بدخول زائر قادم لأمر ضروري .هنا تسائل جاك بينه وبين نفسه عن هذا الزائر الذي يأتي في هذا الصباح ، ثم سمح له بالدخول وعلى وَجْهُهُ ارتسمت تساؤلات عِدَّة وهو ينظُرَّ للزائر الذي تقدَّم ثلاثة خطوات متأنية ثم أنحنى و إعتدل ، ثم تقدم خطوة أخرى للأمام و إنحنى مَرَّةً آخرى قبل أن يلقي التحية ونظراته الثاقبة موجهة نحو جاكوب ثم أتبع :
– بلغني أمر جللَّ وهو مقتل صديقي كروجند ، ولهذا جئت كي أفهم ملابسات الحادثة .
عقد جاك حاجبيه ثم قال مستفسرًا :
– ملابسات الحادثة ؟ ولكن ملابساتها ليست مع مدير القسم ، بل هي مع وكيل النيابة بعد تقديم المُتهم للنيابة وقتئذٍ يمكنك قراءة وفهم ما جرى ، أو يمكنك أن تذهب للكاتب يمكنهُ إفادتك أَكْثَرَ .
سكتَّ الزائر بُرَّهة ثم عدل عباءته السوداء التي كانت تغطي جل جسده ، ثم مسح بشعر لحيته الطويلة قبل أن يقول ولا زالت سهام نظراته موجهة نحو جاكوب :
– لماذا شعرت بأنك أصبت بالضيق من قدومي إلى مكتبك يا سيد جاك؟ أنا أدعى الواعظ ميكاسا أعمل في هداية الناس الذين تلطخت أياديهم بالدماء مثل ما فعل هذا الجالس أمامك، أليس هو الرائد جاكوب ؟
تبادل جاك وجاكوب نظرات الشكَّ والريبة حينئذٍ نهضّ جاكوب وأصبح يحملق في وجه الزائر بتمعن قبل أن يقول:
– ومن أخبرك بأني القاتل ؟ إذا أفترضنا أن معرفتك لأسمي بسبب شهرتي في البلدة ، انفجر الزائر باكيًا بعينين لم تبدوا عليهن الحزن حتى وهو يقول :
– لم يخبرني أحد قط ، بل هذا حديث سائر أهل البلدة، لماذا فعلت هذا بذاك الرجل المسكين الذي لم يفعل لك شيء، هل تعلم بأنه كان يعول ستة أطفال لعائلة فقيرة ، إنه ذنب لا يقتفر . ماذا ستقول للقاضي هل ستقول الحقيقة . في الأحوال يجب أن تأتي إلينا كي تتوب وتغتسل من ذنوبك بعد أن تخرج من السجن لأنني على علم بأن الضباط لن تتم محاكمتهم تلك المحاكمات القاسية التي يحاكم بها بقية الناس أليس كذلك ؟
شعور ما راود جاك في تلك اللحظة التي كان يتحدث فيها الزائر ، خَاصَّةً عندما لاحظ ان ذقنه ليس طبيعية وكذلك حاجبيه، حينئذٍ تَقَدّمٌ خطوات نحوه وهو يرمقه بنظرات فاحصة ، ولكن في تلك اللحظة وردهُ إتصال هاتفي عاد على أثره مسرعًا وخطف السماعة :
– مرحبا سيدي اللواء!
– جاك، هل يمكنك أن تأتي إلى مكتبي الآن ، لأن هناك زائر يدعى ميكاسا يزعم بأن لديهِ معلومات هامَّة حول قضية مقتل كروجند و فتى المقهى والثلاثة نِسْوَةٌ ، تلفَّت جاك و نظر في وَجْهُ الزائر الذي كان يتمايل أمامه ثم قال بتوتر بالغ :
– من يا سيدي ؟ هل تعني أن رجلًا يُدعى ميكاسا يقف أمامك الآن؟
– نعم يا جاك ماذا بك ؟
إبتلع جاك لعابه ثم قال واصفًا هيئة الزائر الذي أمامه:
– هل يرتدي عباءة سوداء تشبه تلك التي يرتديها الرهبان والقساوسة ؟
نعم، وكيف عرفت؟
– إنه أمامي أيضًا يا سيدي ، يا للهول!
ماذا تتوقعون أن يحدث مع الواعظ ميكاسا ؟
وماذا عن فيروزة أين اختفت؟
وماذا عن ميري جاك أين اختفت؟
وماذا عن انتيل وبوغدون ماذا سيحدث لهن ؟
أتمنى أن ينال الفصل اعجابكم انتظر تعليقاتكم ونقدكم البناء .