روايات كاملة عدنا لكم بفصل جديد من روايات كاملة على موقعنا ، مع احداث فضل جديد من رواية لص البلدة ، أنها روايات كاملة تستحتق متابعة أحداثها القادم
احتدَم شِجَار عنيف وتراشق بالحصى بين سيدتين و بائع الحليب ، عندما انحاز بائع الحليب نحو واحدة دون الأخرى و رفض أن يبيع لها الحليب بسبب دينٍ قديم ، حينها تراجعت عِدَّةَ خطوات وأصبحت تُلْقِيَ عليهما الحجارة، ثم لحقت بها السيدة الأخرى لتقتص منها ، هُنَا بدأت المعركة وانطلق وابل من الحجارة في الهواء حتى اخترق حجر نافذة منزل أمبروت الزجاجية وارتطم برأسه ، ما جعله يفيق مفزوعًا يجول أرجاء غرفته كالمجنون باحثًا عن من القى عليه الحجر …
فما كان منهُ إلا أن يوجه أصابع الإتهام نحو كوك الذي كان سابحًا في نوم عميق حتى أحس بيد أمبروت تضربه دون رحمة ، و فاق على إثرها و اشتعل الصراع بينهما في ساحة الغُرفة الضيقَّة، و لم تَمُرّ لحظات حتى تحوّلت الغُرفة إلى كوم من الكراسي الخشبية المهشمة و الأقداح المكسورة، والنرجيلة التي لحقت عتبة الباب.
تابع قراءة المزيد من : موقع لنشر الروايات
قفزَّ أمبروت نحو الأعلى عندما أحسَّ بِطاقة هائلة دفعتهُ لحمل كوك على كتفه قَاصِدًا القاء جسدهُ على سطح المنضدةّ كما يفعل المصارعين على التلفاز، عندئذٍ وقع على مسامعه سقوط حجر على النافذة مرة أخرى، هنا أدرك بأن كوك بَرِيئًا ولم يكن هو من اعتدى عليه. حينها هتف كوك وهو يلهث و يحاول أن يفك يديه من قبضته:
– ها هو . ها هو الحجر يَضْرِبَ النَّافِذَةَ لكي تَصَدَّقَ أنني لم أفعل ذلك .
انفعل أمبروت وغادر غرفته مسرعًا وهو يغمفم حتى اسْتَقَرَّ بالقرب من النسوة وهو يقول :
– الآن الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل، هل يصح هذا ، ما تفعلونه بِنَّا من إزعاج، لِهَذِا أرفض بيع الحليب في الليل ، غادروا هذا المكان قبل أن أَبْلُغَ الشرطة.
كانت كلمات أمبروت الشديدة نذير تهديد لَّـهُنَّ فلم تمر لحظات حتى انصرف بائع الحليب وهو يجر عربة حصانه، وتلاشت النسوُْة ولم يتبقى سوى الغبار المتطاير الذي طغى على الإضاءة التي تنبعث من الأعمدة العالية، ثم تسللَّ كوك دون أن يودع أمبروت، فما فعله به أمبروت ليس سهلاً جعل الدم يتجمع على وجهه غضبًا، وغادر يلوح بيديه ويهمهم ويعدل كُمَّ عبائته الممزقة :
– أنا أستحق كل هذا الاستهزاء؟ تضربني أنا يا أمبروت أقسم لك لولا كبر سنك ما تركتك تفعل بي هذا.
و لما انعطف كوك يسارًا قَاصِدًا منزلهُ الخشبي المحشور وسط مبان عالية، تلك المباني التي كلما رأي طيفها تذكَّر القضايا التي خسرها أمام أصحابها بعد نزاع طويل، خَاصَّةً عندما يقف أحدهم أعلى السطح و ينظر له وهو يعد الطعام أو في الصباح عندما يجلس أسفل الشجرة يحك أسنانه بالمعجون.
إلا أنه لم يحصل على ذاك التعويض الذي حلم به من المحكمة بعد أن أخبره أمبروت أن بناء مبان عالية في منطقة أغلب ساكنيها من أصحاب المباني العادية هو خرق للخصوصية وسيحصل على تعويض، ولكن ذلك لم يحدث مع كوك رومبل ، وما أن بلغ كوك باب منزله حتى شاهد فتاة حسناء تقف وعلى يدها حقيبة ذهبية كانت تتلفت وكأنها تبحث عن شيء ما، وتنقل حقيبة يدها هنا وهناك، ثم تهُّشّ بيدها الناموس، حينها قال ميدوك بدهشة وهو يتفرّس وجهها كأنه شاهد شيطان :
– يا إلهي، سونيا ابنة الصائغ جوار منزلي و في الليل، يبدو أن ما تجرعته عند العم أمبروت لم يكن عَادِيٌّ اَبَدًا
– نعم، سونيا التي أحبتك. سونيا التي عاشت طوال هذه السنوات تحارب من أجل أن تظفر بك و تحقق معك حلم العمر !
شيء ما وخز كوك في بطنه وسرى في جسده كالسُّمّ ولم يقوى على الوقوف ، حين تبلدت حواسه و وقف مشدوها بفمٍ فاغر يمسح بيده العرق المتصبب عن جبينه قبل أن يقول بصوت مبحوح :
– إمسكي بيدي فأنا لا أقوى على كل هذا، أو أقل شيء خذي ذاك الحجر وأضربيني به حتى أعلم أنه واقع و ليس حلم .
اقتربت سونيا منهُ وكأنها تعانقه حينها ذاب وصار كورقة مبللة، وسهام نظرات عيناها الجميليتين تفعل به ما لم يفعله المخدر في جسد حِصان ، ثم جثت على ركبتيها بطولها الفارع وقوامها الممشوق ومسحت بيدها الناعمة على جبينه بلطف ، وهي تقول بصوت رنان وعطر شفتيها هوى قتيلا في مستنقع ضحل :
– صدقني يا كوك هذه حقيقة و واقع يجب أن نصدقه أنا وأنت ، هل سنقضي الليل أمام عتبة بيتك يا كوك؟
بين متاهة الدهشَّة والاستغراب كان كوك حائرًا كطائر تاه عن السرّب، فهذه المرة الأولى التي تغذوا أذنيه كلمات بهذا الكم من الحب، ومن من ؟ من سونيا ابنة الصائغ تلك الفتاة المدمرة للفؤاد وحلم شباب البلدة، فلم يكن حظهُ بالغًا هذا الحد، ولا وسامته يمكنها تمنحه هذا الشرف، فالذي لم يرى القمر واقعاً أمامه ظن أن الأباجورة هي القمر الكوني.
وسط تلك البقعة التي تضئ بضوء القمر و نور عمود الإنارة الملاصق لمنزله، استجمع كوك قواه تدريجيًا بعد أن استوعبت حواسهُ حقيقة الموقف وصدق الحديث، عندئذٍ قرر أن يفعل شَيْئًا هام قبل أن تدلف الحسناء ساحة منزله المبعثر كانه ساحة خيل تركض طوال اليوم ، حين قال وهو يبتلع لعابه ويحملق نحوها بعينين متعجبتين :
– أمهليني بعض الوقت حتى أفعل شَيْئًا و سأعود .
غادر مكانه يهرول ثم إندفع تاركًا باب منزله الذي شارف على السقوط يتراقص هنا وَهُنَاكَ والحسناء توزّع البسمات بتصرفه المضحك الذي بين لها الحالة التي هو فيها والتوتر الذي أصابه.
خطّف كوك اللحاف الملقي أسفل السرير وقام بإعادته مكانه ثم نفض السرير بِخفَّة، ثم سحب الستائر البيضاء التي مالت للإصفرار ، ثم وقف برهةً يفكر حتى لمح مروحة السقف وتوجه مسرعًا وأشعلها حينها انطلق صوتها المريب كساقية شارفت على السقوط.
توقف كوك ثم ألقى كوك نظرة تأمل لمنزله المكون من غرفة واحدة ومطبخ صغير بجانبها الشمالي، وبدا له حال المنزل أفضل من ذي قبل، وقتئذ بصر أقداح القهوة التي لم يغسلها صباحًا ولكن خوفهُ من ذهاب الحسناء جعلهُ يخفيها أسفل الدرج وغادر مسرعًا نحوها كي يرحب بها، وقتئذٍ اختفت معالم الدهشة عن وجهه قليلاً وكان أكثر إدراكاً للواقع. وقال وهو يفتح الباب المتهالك ويميل للأسفل قليلاً:
– تفضلي يا سونيا، إلا أن تسامحيني فقط لأن المقام لا يناسب ابنة الصائغ !
– لا مشكلة يا عزيزي كوك، لم أهتم يَوْمًا بهذه الأشياء، لأنها لا تعكس لي حقيقة الشخص.
قالتها سونيا بوجه مشرق ثم تقدمت بخطوات ثابتة تمسك فستانها الوردي بطرف يدها وتعدل بالأخرى قبعتها البيضاء المكسوة بالريش الناعم، ويتدلى شعرها جدائل سوداء لامعة بين كتفيها، وما أن أرادت الجلوس على مقعد بدا معفرًا بالتراب حتى استوقفها كوك وقام بتنظيفه بكم عبائته وهو يقول:
– استسمحك عُذْرًا يا ابنة الصائغ، هيا تفضلي بالجلوس
في شيء من الثانية تخبط كوك وصار يجوب أرجاء الغرفة جيئة وذهابا حائرًا فيما سيقدمه لها حتى اصطدمت قدمه بطرف المقعد وشارف على السِقُوط، ثم غادر الغرفة وهو يدفن يده داخل جيبه وأخرج هاتفه وأجرى اتصالًا لعله يهتدي لفكرة تساعده في حيرته، عندما هاتف السيد أمبروت وشرح له ما حدث معه بالتفصيل وطلب المشورة منه، حينها رَدٌّ أمبروت وهو يتثاوب :
– لم يكن مشروبًا غريبًا يا كوك بل كأس خمر عادي، وإنما لو كنا قضينا تلك اللحظات ندخن الماريجوانا كنت سأقول أن تأثيرها ذهب بعقلك وجعلك تتخيل وجود ابنة الصائغ معك في هذا الليل .
وضع كوك يده حول فمه وهو يتحدث بصوت وشوش خَوْفًا من أن تسمعه الحسناء وهو يقول:
– قلت لك هي سونيا ابنة الصائغ بشمحها ولحمها، أقسم لك هي بنفسها والآن تجلس في غرفة منزلي، قل لي ماذا أفعل وأنت تعلم ليس في منزلي شيء سوى الماء في القرعة الجلدية اللعينة.
انفجر أمبروت ضاحكًا ويخرج صوته كالوحش عبر مكبر
الصوت وهو يقول:
– يا لك من محظوظ، ابنة الصائغ فتاة أحلام البلدة نسائها ورجالها، تُأْتَى إليك أنت أيها النتن .
– أحسدني يا أمبروت، أعلم أنك رجل حسود. أتصلت بك كي تساعدني لا لتسخر مني، قُل لي ماذا أفعل وإلا أغلقت الخطَّ في وجهك اللعين.
كنت أمزح ياكوك. إسمعني جِيدًا وأفعل ما سأقوله لك ولن تندم أبداً.
في تلك اللحظة إرتفعت أرنبة أنف كوك وتحركت أذنهُ كقرد بصر قطعة موز معلقة فوق إحدى الأشجار، ثم قال:
– نعم أنا أصغي إليك، و لحكمتك وخبرتك الطويلة!
– الآن أصبح لي خبرة طويلة أيها الغبي. لا يهم. أسمعني جِيدًا أول شيء أنا سأخذ من الثلاجة الخاصة بي بعض المشروبات والعصائر ، وقطع الجبن والخبز وسأتركها لك أمام باب منزلك ، هذا يعني بعد أن تسمع بوق سيارتي بالخارج أخرج على الفور وخُذ الأشياء…
قاطعهُ كوك بوجه مشرق وهو ينزع عن جبينه تلك القطعة البيضاء بعد أن تذكرها ثم قال:
– ياله من معروف لن أنساه طوال العمر…ها وماذا بعد؟
– اغلق فمك ياكوك ودعني أكمل ليس لدينا وقت. وبعد إن تضع لها المشروب تحدث معها بشكل طبيعي ولا تظهر لها انبهارًا حتى لا تهرب منك، لأن الفتيات لا يحببن الفتى الخفيف والغبي مثلك. أعلم إنك في حالة عجيبة وقد سقطت على الأرض عدة مرات من هول المفاجأة …
فغر كوك فمه عريضًا ثم قال بدهشة وهو يوسع عيناه:
– يالك من داهية يا أمبروت وكيف عرفت ذلك بالفعل شارفت على السقوط.
– ليس لأني داهية، بل لأني أعرفك. على كل حال هاتفي لن أغلقه هذه الليلة وإذا اردت شَيْئًا آخر أنا تحت أمرك.
أنهى المكالمة التي جعلته سعيدًا ثم استرق النظر بجانب الباب بفم مفتوح يحملق للحسناء التي كانت حينها تدخن سيجارة ويجول بصرها أرجاء الغرفة. و بقى واقفاً بجانب الباب ينتظر قدوم سيارة أمبروت كي تسعفه في تلك اللحظات الحرجة
كيف ستمضي دقات ساعة الليل مع كوك والحسناء سونيا ابنة الصائغ ؟ روايات كاملة