قصص الغموض

قصة بوليسية شيقة بعنوان خط العودة

قصة بوليسية بها الكثير من الأحداث، كما نعلم بأن القصص البوليسية هي تلك القصص التي تهتم بالبحث عن حل قضية ما أو لغز، وغالبا ما يكون البطل ضابط.

قصة بوليسية بعنوان خط العودة

توقفت السيدة ماربل ميديكس في مفترق الطرق ، بينما كانت تودع والدتها التي تنوي الرحيل نحو منزلها، بعد أن قضت أشهر معها، تبادلت معها عبارات الوداع، والحزن قد بدل نبرة صوتها، وغير ملامح وجهها. على الرغم من أن السيدة ماربل في العقد الثالث من عمرها، ولديها ثلاث أطفال إلا أنها لم تتأقلم على العيش بعيداً عن والدتها، هو ما جعلها تقف وسط الطريق وهي تحمل طفلها وتراقب والدتها وهي تبتعد عنها شيئا فشيئا.

بينما كانت تلوح بيدها سمعت صوت امرأة عابرة من سكان البلدة، ألقت على السيدة ماربل السلام، حينها التفتت ماربل لترد السلام، ثم عادت ببصرها لترى والدتها ولكنها لم ترى شيئ. اصيبت حينها بالدهشة ، لأن الثانية التي ردت فيها التحية لجارتها، لم تكن كافية لوصول والدتها لمحطة القطار، هو السبب الذي دفعها إلى التقدم نحو اتجاه سيرها وهي مسرعة.

لا يفوتكم قراءة: قصص بوليسية قصيرة

كانت والدة ماربل تُدّعى السيدة كونجك وهي زوجة السير كونجك ضابط الطيران الذي اختفت طائرته منذ عقد من الزمان. أصبحت ماربل تبحث عن السيدة كونجك في كل مكان، وكأنها تلاشت مع الهواء، لم تترك ركن أو ممرّ إلا وبحثت عنها فيه، حتى أنها تفحصت المسافرين في محطة سادوني للقطارات وقتئذٍ ادركت أن شيئ ما جرى لها. لم تمر لحظة حتى وجدت نفسها داخل مبنى الشرطة.

– سيدي من فضلك ساعدني، والدتي اختفت أمامي قبل لحظات ولا ادري ما جرى لها.

قصة بوليسية خط العودة القسم الثاني

قالتها وهي تحدث ضابط الشرطة الذي كان مهتما في العمل على الحاسوب، حينها طلب منها الجلوس، ثم طلب منها أن تسرُّد له ما جرى بالضبط. وبعد أن أصبح ملم بما جرى للسيدة كونجك، قال :
– هل بحثتي في منازل الجيران ، ربما التقت بسيدة تعرفها وذهبت معها المنزل ، هل فعلتي ذلك؟

– لا، كل ما فعلته هو أنني بحثت عنها في الطرقات، وفي الأزقة، حتى محطة القطار لم أجدها فيه. هي ثانية فقط يا سيدي عندما التقت للرد على إحدى نساء البلدة ولم أجدها!

لاحظ الضابط القلق الذي بدا عليها، بالإضافة إلى معاناتها في بكاء طفلها الذي يعاني الجوع، لذا نهض الضابط من مقعده، ثم حمل الطفل بين يديه ومد لها كوب عصير وجلس في المقعد الذي أمامها كي يواصل تحقيقه معها، قال متسائلاً:
– كم عمر والدتك السيدة كونجك؟

– امي في متتصف العقد الخامس!
– أه، فعلا لا يمكن لسيدة في منتصف العقد الخامس أن تقطع مسافة 2 كيلومتر سيرًا على الاقدام في أقل من دقيقة ، ولا حتى أنا لا يمكنني فعل ذلك. قولي لي يا مدام ماربل ، هل تعاني والدتك السيدة كونجك من أي مرض؟

القت بنظرة خاطفة على اللوحة التعريفية التي على مكتبه، وقرأت إسمه قبل أن تقول :
– نعم ياسيد جاكوب، تعاني من مرض الضغط ، حتى الأدوية التي تتناولها معها في حقيبتها!

قصة بوليسية خط العودة القسم الثالث

واصل النقيب جاكوب في جمع كل الأدلة التي يمكن أن تساعده في بحثه، وفي آخر الأمر طلب منها أن تذهب مع فريق من المباحث الجنائية لمعاينة مكان اختفاء السيدة كونجك، وبعدها يمكن أن تذهب للمنزل وهو سوف يشرف على القضية. بعد أن قام فريق المباحث بمعاينة مكان الحادث، قال الضابط جاكوب:
– من هي السيدة التي القت عليك السلام وتسبب في عدم متابعتك لسير والدتك؟

– إنها السيدة جيسيكا هارول، لو لم التقي بها ما كان حدث ما حدث!

قالتها بنبرة تظهر حزنها الشديد وضيقها مما حدث، وبكاء طفلها جعلها في حالة من الارتباك والتوتر. ثم غادرّت المكان بعد أن أخذَّت رقم هاتف الضابط للتواصل معه. أما السيد جاكوب فقد قررَّ أن يستجوب السيدة جيسيكا في بداية تحقيقه في القضية.
انصرف فريق التحقيق نحو مكاتبهم وتوجه جاكوب نحو منزل السيدة جيسيكا.

– من بالخارج أنا احلب البقرة، تمهل قليلا!

كان صوت جيسيكا هارول يوحي بأنها سيدة عملية واعتادت على حضور الناس إليها بكثرة في منزلها، هو ما استنتجه السيد جاكوب. وبعد دقائق جاءت جيسيكا وهي تربط وسطها وتمسك حبلًا في يدها، كانت قصيرة ممتلئة ذات وجه بيضاوي، تظهر إحدى اسنانها عندما تتحدث. قالت وهي تمسح بيدها على جانبها الأيمن:

– من أنت أيها السيد. اليوم البقرة رفضت اعطائنا الحليب عد غدا ربما تتفضل علينا بشئ اللعينة. أنا اكره البقر لأنها عنيدة ومملة ، ولكن زوجي الثور الاحمق يحب تربية الأبقار.

قالت هذه العبارات واغلقت الباب دون أن تسمع من جاكوب ودون ان تعرف ماذا يريد. حينئذٍ انفجر جاكوب ضاحكاً حتى وضع يده على مقبض الباب، ثم أعاد طرق الباب مرة أخرى ، حينها قالت وهي تصرخ :
– انقذني إنها تريد قتلي، الحقني أيها الغبي. هارول اين أنت البقرة قطعت الحبل وتطاردني.

في تلك اللحظة دلف جاكوب بعد أن كسر الباب وحاول مساعدتها، حيث قام بوضع حجر كبيرة أغلق به باب الحظيرة. وما أن انتهت هذه الازمة قال جاكوب يحدث نفسه بسخرية:
– هذه البقرة أقصد هذه السيدة التي لم تتحكم في غلق باب حظيرة البقر لا يمكن أن تشارك في اختفاء السيدة كونجك. مع ذلك واصل التحقيق معها، فقد كانت في قمة الهدوء والسكينة من بعد أن علمت بأنه ضابط في المباحث، حتى زوجها السيد هارول ذو القامة الطويلة والشوارب المنسدلة بجانبي فمه صار يساعد في سير التحقيق ، قال السيد هارول:

– زوجتي هذه طيبة للغاية احبها بجنون، واعرفها منذ أن كانت طفلة، لذا لا يمكن أن تشارك في أي عمل إجرامي.
قال جاكوب وهو يخلف قدميه :
– لا، أنا لم اوجه لها الإتهام بشئ، أنا جئت فقط لنتحدث بشكل عام، لأن لدي قضية مكلف بالتحقيق فيها. اخبريني يا مدام جيسيكا هل تعرفي سيدة تدعى كونجك؟

قصة بوليسية خط العودة القسم الرابع

تفلت جيسيكا ثم أخذت عود كبريت واصبحت تخلل أسنانها وهي تجلس على مقعد لا يبعد عن الأرض سوى بضع سنتيمترات ، واتبعت تقول :
– كونجك كونجك هذا الإسم ليس غريباً. آه تذكرت هذه والدة السيدة ماربل، نعم اعرفها التقيت بها عندما كنت عند ماربل الاسبوع الماضي ، ولكني لم اتحدث معها كثيراً لأنها متعجرفة، لا زالت تعيش على فخفخة زوجها الضابط.

أثناء حديث السيدة جيسيكا حاول زوجها أن يلفت انتباهها يأن غمز إحدى عينيه، ولكن لم تنتبه، بعد ذلك قام بوكزها في قدمها، وقال وهو ينظر لها بنظرات حادة:
– نحن نحب كل الضباط إن كانوا في الطيران أو في المباحث أو حتى الشرطة السمكية.

انفجر جاكوب ضاحكاً وقال :
– هل هناك ضباط شرطة سمكية يا سيد هارول؟
– نعم، جدي كان ضابط سمكي ولكن الباخرة التي يقودها انجرفت به في المحيط الهادى.
– أه. أنت تقصد ضابط بحري إذن. على كل حال في حال وصلتكم أي معلومة بخصوص السيدة كونجك يجب اخباري بها عن طريق الذهاب إلى قسم الشرطة.

غادر جاكوب منزل السيد هارول وشئ ما في نفسه جعله يشعر بالراحة في الجلوس مع هذه العائلة البسيطة، وأن اللحظات التي قضاها معهم كانت بمثابة جلسة كاملة لدى طبيب نفسي. وتوصل إلى أن هذه العائلة نادرا ما تقوم بمثل هذه الأفعال ، مع ذلك يجب أن يواصل التحقيق لكشف الحقيقة.

في الوقت الذي غادر فيه السيد جاكوب منزل السيدة جيسيكا، وقع على مسامعه صوت مشاجرة من داخل منزلها، هو ما جعله يعود مرة أخرى لمعرفة السبب. ما أن بلغ عتبة باب منزلها سمع السيدة جيسيكا تتحدث بنبرة ثائرة وهي تقول :
– أنت يا مدام لولا على علم بقواعد العمل لدينا، نحن لن نعيد الحليب بعد بيعه.

– ولكن الحليب سيئ جداً. في الأسبوع الماضي أيضاً حدث أن قطع الحليب ولم أعده إليك ، أما هذه المرة لن اتركك. عيدي لي نقودي وإلا ضربتك.
ذهبت جيسيكا مسرعة نحو زريبة الأبقار وخطفت حبل متين غير لونه براز البقر، وجاءت به تهدد لولا التي كانت في حالة من العضب، وقالت جيسيكا:
– اقتربي مني سوف أريك ما سافعله بك.

قصة بوليسية خط العودة القسم الخامس

هنا تدخل جاكوب لفض المشاجرة، وقال :
– لا أجد أي سبب للمشاجرة، كم هو مبلغ الحليب يا مدام لولا؟
تنهدت لولا وهي تضع يدها في وسطها وتهتز هنا وهناك ، وهي تقول:
– أنا أريد المال منها هي، يكفي أنها افسدت لنا الحليب في الأيام الماضية. عليها الآن أن تعيد ثمنه.
– قلت لك كم هو المبلغ ؟
زمت لولا شفتيها ثم قالت:
– خمسة دولارات!

دفن جاكوب يده في جيبه ثم مد لها المال وهو يقول :
– الآن يمكنك البحث عن مكان آخر لشراء الحليب. أنتم في منطقة واحدة يجب أن تكونوا على علاقة جيدة…
قاطعته لولا قائلة:
– أنا كنت اتعامل معها مثل اختي، حتى عندما سقطت البقرة في تلك الحفرة ، اتصلت بزوجي كي يترك عمله ويساعدها، ولكنها لا تستاهل المساعدة.

من خلال ما قالته السيدة لولا ، فطن جاكوب للجملة الأخيرة ، وطرح سؤال سريع، سقطت بقرة السيدة جيسيكا في أي حفرة؟
اشارت جيسيكا بيدها وهي تقول:
– هناك عند ذلك الحجر الجيري ، ولكن أيضًا أنا كافئت زوجك بأن أعطيته خمسة كيلو من اللحم ،واربعة كيلو من الحليب، فقد كنت سخية معه أيضًا.
– دعونا من هذا الآن. هل من الممكن أن تريني الحُفرة التي سقطت فيها البقرة.
– نعم، بكل تاكيد سيدي !

بعد أن بلغ جاكوب مكان الحُفرة ، لاحظ أنها تمت تغطيتها بغطاء مطاطي ، أي من السهل السقوط عليها ، بالإضافة إلى أن فتحة الحفرة تسمح بدخول شخصين . في تلك اللحظة أخرج جاكوب هاتفه طالبًا الإنقاذ من الحماية المدنية. لم تمر لحظات حتى وصل طاقم الحماية المدنية ، وقاموا بالدخول داخل الحفرة، وقتها ادرك جاكوب أن السيدة كونجك لم تختفي ، بل سقطت في تلك الحفرة.

لم تصدق السيدة ماربل بان والدتها على قيد الحياة، فقد استمرت عملية انقاذها من الحفرة ستة ساعات من العمل، مما جعل مجموعة من وسائل الإعلام تجتمع في تلك المنطقة لنقل الحدث.
في اخر المطاف نجت السيدة كونجك ، بعد أن قضت اسبوعين في المستشفى، ليس هذا وحسب، بل حتى زوجها الذي اختفى اكتشف فريق البحث بأن هناك عظام بشرية متعددة داخل تلك الحفرة، ومن خلال البحث تبين أن زوجها ومجموعة من الأشخاص الذين فقدوا في البلدة، كانوا ضحايا هذه الحفرة.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى