أجمل الروايات العربية رواية لص البلدة ، ملحمة روائية لا تدعها تفوتك ، تم إعداد هذه الرواية بقلم صلاح شانوة من أجل أن تكون جزء من روايات موقعنا المشوقة ، نحن نثق فيما نكتب. أجمل الروايات العربية
أجمل الروايات العربية الوصف
أنهى كوك رومبل وجبة الحِساء بالخبز ثم لعق أصابعه حتى يلتقط قِطّع الخُبزَّ العالقة بينها وسهام نظراته التي ترجوا المزيد ترمق السيدة يارو ليبصر وجهها الصبوح الباسم وهي ترضع طفلها وتخفي صدرها بقطعة من قماش، وقالت و هي تعتذر للسيد كوك بصوتها الأنثوي الرنان:
– أسفة يا كوك . جِئْتُ متأخرًا عن وقت وجبة الإفطار وهذا ما تبقى من طعام، لكن يمكنك الانتظار حتى أنهي رضاعة مارو و أَعَدٌّ لك طبقًا آخر إذا لم تشبع !
– طبق آخر ؟ هذه فرصة ثمينة حقيقةً، تعني أنني لن أذهب لكُشك السيد جون لشراء الطعام. من يُضِيعُ فرصة كهذه . لكن لم أرى هذا الكرم الفياضَّ من قبل إلا بعد أن أنجبتي مولودك الذي انتظرته منذ سُنِينَ لولاه ما جلست في هذه الطاولة الأنيقة، و ما كُنتُ لأجد هذه الوجبة الدسمة .
حدَّث كوك نفسهُ بهذه الكلمات، وعيناه الواسعتين تتطَّلع في وجهها خُلسةً ، ورأسه المستطيل الأصلع يلاصق عمودًا خشبي يتوسط صالة المنزل الخشبي، ثم قال بوجه مصفر خجلاً ، أراد وقتها أن يبدي تملقًا للسيدة التي كانت تدري ذلك جِيدًا ولكنها كانت تتقبل ذلك ، السعاده التي جلبها لها مولودها أكبر من أن تطرده من منزلها :
– هل تعلمي يا سيدتي يارو ، أنتِ أفضل نساء سادوني، لم أرى في حياتي سيدة مثلك خاصةً في كرمك وجمالك ، والحكمة قد رسمها الله في مولودك ، فهو يشبهك شبه كبير أكثر من والده .
– شكرا لك يا كوك أنت أَيْضًا شخص جيد، ولكن هذا واجبي وليس كرمًا !
هذا واجبك يا منافقة يا كذَّابة ، هل تظنين بأني نسيت يوم ضربتيني بمقشرة الخضروات بسبب طلبي قطعة خُبز في الصباح …
قالها كوك في سِرَّه بينما كان واقفًا بطوله الفارع ويعيد تثبيت تلك القُماشة البيضاء التي كانت تتوسط جبينه، ثم قال بعد أن أنهى غسل الصحون الفِضّية :
– القلوب عند بعضها يا سيدة يارو . بالأمس القريب كُنتُ أحدث السيدة نيلدا بهذا الأمر ، قلت لها اِنَّكَ سيدة فريدة ولن تنجب مدينة سادوني مثلك اَبَدًا ، ولكن لا تنسي أن قبول الدعاء الذي دعوته لكي هو ما منحك مولودًا بهذا الجمال .
قرية سادوني كانت تؤمن بأن كوك رومبل فتى صالح لعدَّة أشياء حدثت له مُنْذُ صغره ، ابتدأ من ولادته الغريبة عندما انجبته أمه بعد شهر من ولادة توأمه الأول الذي مات في نفس يوم ولادة كوك، ثم الكنزَّ الذي عثر عليه والده في يوم ولادته ، وقتها انتشرت الشائعات بين نساء البلدة كالنار في الهشيم بأن كوك ولي صالح .
كانت السيدة يارو مندل من ضمن النسوة اللائي قدمن القرابين بين قدميه في صغره ، و دفعت دَمٌ قلبها حتى تنال بركته وتنجب طفلاً . إلا أن ذلك لم يحدث طوال هذه السنين ، حتى بلغ كوك منتصف العقد الثاني من عمره، و كان ذلك سبب ضيقها عند رؤيته، في الوقت نفسه لازالت في دواخلها أشياء تجعلها تَصَدَّقَ أن كوك فتى صالح . قال كوك متسائلاً وعلى يده مثقاب ينظف به أذنيه بفمٍ فاغرَّ :
– قولي يا سيدة يارو ، من أين تحصل السيدة نيلدا على الفِرّاخ الضخم هذا ، لم أرى في حياتي مثله قطَّ ، يبدو أنه من سلالة أمريكية .
قالت يارو بتحفظ بعد أن نام طفلها وجعلته يستلقي على سريره الخشبي الصغير:
– في الحقيقة يا كوك أنا لا أهتم بأمور كهذه ، خَاصَّةً تربية الحيوانات .
بشيء من التأمل والتفكير بينما كان ينظر نحو نافذة الصالة وسرح في جزع شجرة يتمايل بتأثير الرياح، تخيل بذهن شارد أن له مزرعة شاسعة تحيطها أشجار عاتية ينبع الماء بجنباتها والطير يزقزق بإنشودة رنانة، جعلت هذه الخاطرة التي لم تتعدى ثوان معدودة أن يتعمق ويسأل نفسه سؤال :
﴿ماذا لو كان له مزرعة دجاج ، وأشجار مثمرة تخرج له ثمر يعتاش منه؟
ثم وسوس له الشيطان بفكرّة مجنونة جعلته يترك مقعده و يلغي انتظار الطبق الذي وعدته به السيدة يارو، حينها غادر مسرعًا دون وداع.
للمزيد من أجمل الروايات العربية تابعنا ، لن تشعر بالملل بعد اليوم ، لأننا سوف نضع لكم تشكيلة متنوعة مختارة بعناية فائقة لأجمل ما كتبت اناملنا أجمل الروايات العربية