اجمل الروايات العربية رواية سري للغاية اجمل الروايات العربية دفئت قِطّة صغارها بَعيدَا عن عين النمر، و لما علم النمر شن هجومه لَيْلًا اجمل الروايات العربية تابع
اجمل الروايات العربية الفصل الاول سهرة مع قط
دفئت قِطّة صغارها بَعيدَا عن عين النمر، ولما علم النمر شن هجومه لَيْلًا فماتت هي وعاش صغارها.
عثر السيد ميدوك سيلفر على هذه الرسالة في صندوق البريد الإلكتروني، بينما كان يقف في محطة سيارات الأجرة لإنتظار دوره، قرائها بتمعن ثم اندفع خارج سيارته كمن تذكر شَيْئًا وفتح صُنْدُوقٌ السيارة الخلفي وتحسس بيده لفافة مستديرة بيضاء كانت محشوة داخله ، وقتئذٍ أيقن أن ما بداخلها لا زال يتنفس.
أغلق ميدوك الصُّنْدُوقَ بِخفَّة وغادرّ مَحَطَّةً الإنتظار تاركًا خلفه عَدَدًا من سيارات الأجرة ذات اللون البرتقالي، ثم سلك طريقًا تحيط جوانبه أعمدة إنارة عملاقة تضئ جانبه الرئيسي تاركة الجانب الخلفي تختبئ في ظلماته أشجار متراصة …
بعد دقائق من السير والقيادة المتهورة التي رصدتها ردارات الشرطة، بلغ ميدوك جسرًا متهالك مغلق بسد من الطوب وعلامة حمراء تحذر الناس من العبور عبره. حينها فتح صُنْدُوقٌ سيارته وحمل تلك اللفافّة الناصعة وهرول بها حتى توسط الجسرّ ، ثم وقف برهةً وتلفت هنا وهناك، ثم القى بها في البحر وهي تطلق صرخات مكتومة، ثم هرول نحو سيارته بانفاس متصاعدة وطبؤل قلبه كادت أن تخترق قفصه الصدري .
ستجد على موقعنا قائمة من : اسامي روايات
ما أن راود ميدوك شعورًا بالأمان حتى اختفت معالم التوتر عن وجهه، و برَّقت ابتسامته المعهودة، عندما توقف على جانب الطريق ودفن يَدَهُ داخل جيب سترتهُ الرمادية ثم سحب منهُ قِنينة مِثل الكأس و نزع من بطنها أداة تشبه الإبرة ثم مررها على رموش عينيه، وحملق في مرآة السيارة بنظرة تأمل أدرك حينها أن الكُحّل الذي إشتراه من النوع الممتاز ثم قال في سريرَّة نَفْسَهُ :
– إن قلت إنني لا أهتم بنفسي ثانية فلن أسامحك ياجيهان .
ثم أشعل محرّك سيارته حين صدح لحن أغنية شجية غمرت تلك الساحة الصغيرة طربًا، و حين ضحكت سيدة كانت تقود سيارتها بالقرب منه عندما لمحت ميدوك يتلوى كالثعبان محاولاً تقليد رقصةً عالقة في ذهنه لكنه فشل . ما لبث أن سمع ذاك المقطع الذي يثير في نفسه حنين الماضي وحماسة جمَّة حتى قفزَّ و هو يرزع عجلة القيادة بيديه العاتية و يردد :
– في مرسى الشوق عشنا الأشواق
في بحر الْحُبَّ غرقنا وما اتسمى علينا .
نسينا أسامينا وماضينا نسيناهم ونسونا .
بقينا وحوش في كسب العيش وما عشنا .
أيامنا الجاية كيف حتكون بالله كيف حتكون .
ثم أشعل سيجارته في استمتاع، وخطف المشط الذي أمامه ثم بادر في تسريح شعر رأسه الأشعثَّ، وعيناه تحملق لمرآة سيارته مثل عريس يستعد لحفل زفافه. ثم تحسس جيب معطفه حيث يخبئ مدخول يومه، و فكره يستحضر تلك القائمة الطويلة التي طلبتها منه زوجته كي يحضرها عند عودته .
ثم انطلق ميدوك قَاصِدًا منزله بسرعة جنونية، و انعطف يسارًا ، حينها وقعت عيناهُ نحو سيدة تقف جانب الطريق بين يديها طفلاً. وقتئذٍ تسائل في نَفْسَهُ في حيرة بين أن يتوقف و بين مواصلة طريقهُ حتی لا يتكرر ما جری مع تلك السيدة في الليلة الماضية التي اتهمته بالتحرش، وقتئذٍ جفل قليلاً وعاد بذاكرته لتلك اللحظة التي دفع فيها مبلغًا وقدره خشية أن تذهب للشرطة.
كانت السيدة ذات قوام ممشوق تخفي جزء من معالم وجهها في بقعة مستديرة من ظلام مبنى شاهق تقف تحتهُ. في الوقت الذي قررّ فيه ميدوك عدم التوقف لها، راوده إحساس عميق حين بدا له من مظهرها القلق الذي أوحى له برغبتها للمساعدة، حامت حَوْلَهُ غيمةً من الترددَّ والشَّك حين قرر أن يقف كي يفهم ما تريده، قال وزجاج الباب ينزل للأسفل ببطء:
– مَرْحَبًا سيدتي إلى أين؟
أَتَتْ السيدة تهروْل وأدخلت رأسها بين الزجاج والباب وهي تقول بإلحاح و صوت عَذْبٌ :
– رَجَاءً أريد الذهاب لقصر عائلة باردلي .
سحرته بعينيها السوداوين ، و عُذوبة صوتها الشجي، قذفت في قلبه رصاصة مباغتة جعلته يتململ و يتلعثم ، ولم يجد في بحر الكلمات ما يَقُولُهُ ومن الردود الكثيرة ما يَرُّد به ، كان يخشى أن تكون كلماتهُ المعسولة التي حفظها من الأغاني والأناشيد أن تعكر صفو وجهها البرَّاق . تململ في مقعدهُ ثم تحجرش صوته وكأنه مصاب بالزكام :
– تفضلي سيدتي على الرحب والسعة .
ركبت السيدة و طفلها يخربش على خديها بصوابعه الناعمة، ثم جلست خلف مقعده مباشرة، وَقْتَهَا تعرَّق جسده، واختفت بحور الظلام الذي عاشهُ في إرضاء زوجته المستهترة. وتدفق شلال عِطرَّها الفوُْاح حين عانقه بدفئ، وقتها تلخبط ميدوك وخفض صوت الموسيقى قليلاً بينما عيناه تسترَّق النظرّ لرؤية البدر .
بعد دقائق من الصمت الذي فرضته قواعد العمل، و أدب المهنة، توقفَّت بِالْقُرْبِ من قصر مشيد كأنه حصن منيع، بِجُدرانه المضيئة كاللؤلؤ. ثم نزلت السيدة وسحبت من جيبها مبلغًا من المال دون أن تسأل، ثم قالت و هي توشوش له خلف أذنه:
– يبدو أنك ابن حلال، لهذا أنا على ثقة بأنك لن تخذلني.
قال وهو ينظر بطرف عينه متسائلاً:
– في ماذا ؟
تنحنحت ثم إقترَّبت منهُ أكثر حتى اخترّق عطرّها الفواح أنفه بعد أن همسَّت همسّة تدفق بها الدم في عروقه واصفر وَجْهُهُ حين استنشق عطرها و تاهت أذنهُ عن التركيز سأدفع لك ما تشاء إن انتظرتني هُنَا حتى أعود .
– آه، ولكن كم من الوقت يمكنني الانتظار لأنني …
ثم قَطْعٌ كلماته مُحَاوَلَةً منهُ اخفاء حقيقة مشاعره التي انتابتهُ في تلك اللحظة ، و اتبعت تقول :
– فقط انتظرني وأنا سأدفع لك مبلغًا يغنيك عن هذا العمل.
وافق ميدوك دون جدال . ما أن غادرت وتوقفت لحظات تحدث أفراد الأمن، ثم اختفت في أحضان القصر، وقتها أوقف سيارته في انتظارها حتى تعود ثم أرسل رسالة عاجلة لزوجته :
– اليوم سأعود في وقت مُتَأَخِّرٌ . لا تنظري قدومي للعشاء.
ثم هوى في مستنقع الأفكار و متاهة الخوف . ماذا سيحدث لو تطورت علاقته بهذه الحسناء، وكيف سيبدو مظهرهُ أمام زوجته . قبل عِدَّةَ سنوات ورَث ميدوك أموالاً طائلة من عمه الذي لم يكن له أبناء، ثم قادتهُ الصُدفة لمعرفة فتاة هولندية الأصل تُدْعَى الآنسة ميرنا ريتشارد …
كانت وقتها تعمل بائعة في محل حلويات سادوني. حينها كان ميدوك يعاني من فِكْرٌ عاجزَّ عن التدبير في كيفية إدارة كل تلك الثروة التي حصل عليها دون جُهد أو شقاء، كما كان يعاني من فراغ عاطفي فَظِيعَ ثم نشبت نيران الْحُبَّ بينهما وصارت قِصَّة حبهما حديث سادوني …
ما من صغير أو كبير إلا تحدث عنهما سلبًا أو إيجاباً. ولكن مع مرور الوقت سَرَقَتْ كل ممتلكاته وتركته عارٍ أمام الناس .
ظلَّ ميدوك وحيداً بائسًا ، يراوغ تقلبات الحياة وصدمة العمر ، لم يجد من بين تلك الجموع من الناس من يساعده، لأنه لم يقدم السبت وقت ثرائه، إلا أن والد زوجته الحالية جيهان روكي توسّط له في بنك عُمَّال سادوني كي يحصل على قرض ليشتري تاكسي يعتاش منه. مع مرور السنوات ذبلت زهرة الْحُبَّ وتغيرت زوجته لسيدة أخرى غير التي عرفها، فلم تتوقف قَطُّ من إلقاء اللوم عليه، و معايرته بأفضالها عليه، ما جعل ميدوك رجلا آخر، وضاعت الأحلام.
انتاب ميدوك الحيرة ، إلا أنه قررَّ الإستعانة بصديق العمر، حتى يفضفض له عن حيرته، حين أجرى اتصالاً هاتفيًا وهو يضع قدميه على عجلة القيادة، وتوحي كلماته المرتبة بأنه عاشق على الأبواب، حين قال:
– قَرِيبًا سأصبح ثرى و سوف أُعْطِيكَ سيارة الأجرة لتعمل عليها !
قهقه صديقهُ وهو يسعل ثم قال مازحًا :
– هذا يعني أن القيامة اقتربت، دعني وشأني يا ميدو، لم أصدق أن زوجتي وافقت على أن ترقص لي الليلة.
ثم أغلق الخط وانفجر ميدوك ضاحكًا وهو يهمس:
– دَائِمًا أنت فاشل يا جو!
سحق ميدوك سيجارته ثم عاد بظهرهِ للخلف و عيناهُ لم تفارق ذاك الباب الذهبي الذي يحيطهُ الحرّس . ثم راح يفكر و صوابعهُ تداعب لحيتهُ الخفيفة تَارَةً وشعره الاشعث تَارَةً أخرى، وعيناه الخضراوين أرهقهما النعاس، ليقول في سريرة نفسه:
– انظر لنفسك جِيدًا يا ميدوك وأنت تقف أمام قصرّ كبير في هذا الوقت، وتنتظر فتاة لمجرد أنها جميلة. ماذا لو كانت هذه مُجَرَّدٌ خُدْعَةً ، ماذا لو كان خلفها جيش من الرجال يتصيد الخونة أمثالك، ألا تخشى أن يحدث لك ما جرى في ماضيك المظلم.
ثم يرفع رأسه قَلِيلًا كَأَنَّهُ يبحث عن مبررّ لكل هذا، مبررَّ يجعله قنوعا راضيًا بفعلتهُ حتى لو اندرجت في إطار خيانة مقلفة بالانسانية الزائفة. ثم تعود أمواج التأنيب لتضرب قَلَبَهُ الذي لم يعد يقوى على شيء، وقتها انفجرّ صوت رنين هاتفهُ ما جعله يجفل ليجد المتصل صديقه جون حين قال:
– شيء غريب يا ميدوك هل لازلت مستيقظًا ؟
– اه، لا زلت في جبال الخِداع ، وماذا جرى لك يا صديقي ؟
أخبرتك مسبقًا بأن لا تدع وساوس النفس أن تؤذي راحتك، وأن تكرّس بقية عُمُركَ لزوجتك فقط ليس غيرها. لأن تلك الصورة التي ترسمها للحب ماهي إلا شيء خيالي غير موجود.
ولكن أنت تعلم ما أعانيه من سوء العُشَّرة ما يكفي لفعل هذا، ومن عدم الوفاء ما يضيق به صدري. نام يا جو، أنت أقصى أحلامك أن ترقص لك زوجتك ، يا لك من شخص تافه.
قهقه جو ثم شفطَّ شفطة من الشيشة وهو يقول بصوتٍ رخيم :
– صدقني حتى هذه اللحظة لم ترقص، عذرها الليلة بأنها تذكرت وفاة جدتها التي ماتت منذ عشرة أعوام. ولكن ماذا جرى لصوتك ، هل أنت مصاب بالزكام؟
– لا شيء… كل ما حَدَثٌ أنني عثرت على سيدة تشبه ميرنا…
هنا هتف جون معاتبا بلهجة حادة:
– مرة أخرى يا ميدو ، وفي نفس الحفرة مُجَدَّدًا ، وجب علي تحذيرك من أن تعود مَرَّةً أخرى وتشكو لي خيانة جديدة و…..
توقف یا جو… لم أخبرك بهذا كي تعيد لي الماضي، ولكن حَقًّا شعرَّت بشيء تجاهها، وعلاقتي مع زوجتي المستهترة في آخر أيامها. أنا ميت بجسد يتحرك يا جو أفهمني.
– ما رأيك أن نلتقي غَدًا في قهوة بيكر شوب؟
سكت ميدوك ثم قال بعد أن فِكْرٌ في جدول يومه ليوم اِلْغَدْ وقال :
– هذا جيد ، ليلة سعيدة يا صديقي .
كانت هذه المحادثة التي لم تتعدى الدقائق كافية بأن تجعله يكون أكثر وعيًا من ارتكاب أي خطأ يؤدي إلى بعثرَّة عش زواجه المهلهل. عندها عاد بظهرهِ على مقعده، وقال يحدث نفسه :
– سأنتظرها لأنني وعدتها. لا لشيء آخر.
مَرَّتْ ساعات ولم تاتي السيدة، ثم ساعات و حلَّ الْفَجْرِ وتشكلت معالم المدينة مُجَدَّدًا ، و نبضت الطرقات حياة معهودة منذ الأزل، وقتئذٍ فتح ميدوك الباب وبدت له معالم القصر الذهبي العجيب، ثم تقدَّم خطواتٍ بعد أن ومضت له فكرة الذهاب والسؤال عنها من حرس القصر.
استقر واقفًا وهو يطرُّد النعاس أمام رجل ضخم الجُثَّة يرتدي طقم الأمن الأسود، ويحمل مسدسًا في وسطه. قال ميدوك بابتسامة عذبة :
– من فضلك، أنا صاحب سيارة الأجرة تلك ، و أنتظر سيدة وطفلها كنت قد أوصلتهما هنا ليلة الأمس . وقالت لي أن أبقى في انتظارها حتى تعود، لكنها لم تأت حتى هذه اللحظة.
هز الحارس كتفيه غير مبالٍ، ولم يتفوه بكلمة، بل سحب سلاحه واندفع داخل مكتب الإستقبال العامر بأجهزة الإتصال والحواسيب. ثم أجرى اتصالاً عبر اللاسكلي، وبدا من تعابير وجهه وحركة يديه بأنه يتحدث مع شخص يكن له الإحترام والتقدير، ثم رزع الجهاز على المنضدة وعاد مسرعًا و ارتسمت علی ملامح وجهه الحِدَّة، وهو يقول :
– لا يوجد سيدة أتت الى هذا القصر في الوقت الذي قُلْتُهُ . أذهب و أَبَحْثٌ في مكان آخر….
– لكني رأيتها بأم عيني وهي تدخل هذا القصر.
قلت لك لا يوجد سيدة أتت في هذا الوقت. كما أن جميع من بالقصر لديه سيارة، ولا يوجد سيدة تأتي للقصر بسيارة أجرة . أغرب عن وجهي.
استدار ميدوك عن الحارس ثم شبك صوابعه خلف ظهره وتقدم خطوات ثم تلفت خلفه ليجد الحارس يقف مكتوف اليدين يتتبع خطواته. ثم نكس رَأَسَهُ ولهيب الاحباط يعلو جبينه ثم قال يغمغم :
– ما مضى من حياتي شيء، والقادم شيء آخر. أما لو جرى لهذه السيدة مكروه فستكون نهايتي مؤكدة.
عندما بلغ ميدوك سيارة الأجرة، وخلفه جيوش من اليأس تلاحق فكره حين فكَّر في طلب رقم الشُّرْطَةَ وتردد ، ثم عاد ببصره لرؤية ذاك الحارس العاتي، ولكن ما بصرتهُ عيناه جعله يفتح فمه عريضًا ويقشعر جسده، عندما رأى شبح فتاة تجول سطح القصر، إلا أن ما كانت تقوم به شبيه بمن تقاوم من أجل الإنتحار والخلاص من حياتها، وقتئذٍ لم يتردد ميدوك لحظة في اشعال محرك سيارته قَاصِدًا قِسْمٌ شرطة سادوني.
بقلمي صلاح شانوة اجمل الروايات العربية ستجد على هذا القسم اجمل الروايات العربية