بقولكم قصة مع أجمل قصة من قصص موقع الموضوع حصري ، هذه قصة رائعة من قصص الغموض والتشويق التي ستجعلك تقرأ تفاصيلها بكل دقة واهتمام بقولكم قصة
بقولكم قصة قصة قضية مادلين روجر
حين انطوت تِلْكَ الصفحة المؤلمة عُنوة واقتدارًا ، دون حتى أن تعرف السبيل لشفاء روحها المنكسرة ، وقلبها الذي يتمذَّق من فرط الهشاشة والعذاب. لعدة سنوات مضت كانت الحياة في عينيها مثل انشودة الامل الذي يعانق بائس حالم تحت الصقيع والشقاء، لكنها اليوم أدركت وعرفت حقيقة كل شيء…
عرفت أنها مُخلدة في ذكرى رحيل الحُلم و الأمل ، عندما أدركت بأن السقف الذي كانت تأمل أن تلامسهُ ما هو إلا سرَّاب نجم أفل مُنْذُ عقود، حين حملت حقيبتها الباهتة والتي لم تكن تحوي في جوفها سوى فستانها الرمادي الذي أهدتها له جدتها في ليلة وفاتها، و عُلْبَة الروج التي أهدتها لها سيدة مُقدرة في قصر مارتن مكان عملها كخادمة ، و بقايا خُبزَّ وفُتات لحم جاف مطحون تلفهُ في ورقة سوداء…
مع كُلَّ ذلك لم تَنْسَى أن تحمل تِلْكَ الصورة التي حملتها في الليلة الأولى في رحلتها نحو الحياة الجديدة التي كانت تأمل أن تُذْهِبُ عنها ما تعيشهُ في الماضي، إلا أنها توقفت لحظة أمام باب ذاك الصرّح الذي خدمت أهلهُ لسنوات، حين ظنّت أن ظُلُمَاتٌ البؤس قد تَفارق محياها يوم ما. لم تشفع لها كُلَّ تِلْكَ السنوات من أن تُغَادِرُ ذاك الصرَّح بقلب يفيض وعين دامعة و ذهن مَشْغُولَةً .
حين تبعتها خادمة أخرى تُدَّعی يارا جون مُحَاوَلَةً أن تطيب بخاطرها المنكسرّ علها تجبر جراحاتها لكن هيهات من ذلك، فإن النفس التي تجد من البؤس والحرمان المزيد، فإن لها موضع في العقل تحفظ فيه كل حدث يمر وتدونه تدوينًا، حين قالت الخادمة يارا في صوت وشوش خشية أن يسمع همساتها أحد:
– أخبرتك يا مادلين أنهُ لا يحبك، أخبرتك مُنْذُ سنوات أننا لا يجب أن نقع في حُب كهذا، لكنك كُنْتِي مَشْغُولَةً به أكثر من انشغالك بنفسك وحياتك، ها أنتِ اليوم تغادرين إلى المجهول.
– لكنني أحببته . حملت تلك الوعود التي قطعها بيننا في لحظات كُنتُ أَكْثَرَ هشاشة وضعفا، كنا نبحث عن أشياء مشتركة.
قالتها مادلين وعيناها تذرّف الدمع بينما تربت الخادمة على شعرها وتقول بجدية :
– نحن فقراء يا مادلين، كان يجب عليك اختيار من تثقين به لأن الأمر واضح وضوح الشمس حين أَخَبَّرَكَ برغبتهُ في جعل العلاقة بينكم في سرية تامة!
– لم تكن مجرد علاقة، بل كان زواج عُرفي جمعني به لسنوات، لكني لا يمكنني إثبات ذلك الان .
حينها شهقت الخادمة وهي تغطي فمها بيدها وتقول :
– يا إلهي. اُنْظُرْي سوف أعطيك مفتاح منزلي إذهبي و أجلسي فيه حتى أعود نهاية الأسبوع ونتحدث عن هذا الأمر . ستجدين في المنزل كل شَيْءٌ ، كما أن هُنَاكَ حانوت صغير أَسْفَلَ المنزل سوف أخبرهُ أن يعطيك كل ما تحتاجينه حتى أعود ونبحث لكي عن عمل جديد.
غادرت مادلين بتلك الحقيبة الممزقة وقلبها المجروح وعيناها المتورّمة من الْحُزْنِ . وضعت مادلين امالا برَّاقة في تلك العلاقة، لكونها تحلم بأن يكون زواجها منهُ نهاية لكل أحزانها القديمة ومأوى لقلبها من عثرات الحياة، لكنها فاقت على جراحات متجددة نابعة من علاقة زائفة أَخَذَتْ منها كل طاقتها، جعلتها تبدو كعصفورة مهددَّة برياح عاتية في ليلة شاتية…
ولما اسْتَقَرَّ بها الحال أمام منزل الخادمة يارا حتى دلفت بِخُطَّى منكسرَّة مترددَّة، كأن قدميها تخطُّو نحو المجهول ، حينها لم تكن تعلم أي الأشياء تفعل و أي القرارَّات الصائبة التي يجب عليها أتخْاذَها عندما وضعت حقيبتها على جانب أريكة الصالة ثم استلقت على الاريكة و هي تتأمل و تعيد ما جرى …
حتى سمعت مادلين طرقات علی باب الشقة ، وقتئذٍ نهضت من مكانها في عُجالة لترى من الطارق، ثم فتحت الباب لتجد امرأة في نهاية العقد السابع من عُمرها، كانت بيضاء البشرة تعلو وجهها ابتسامه برّاقة وقد سكن الشيب في جزء كبير من شعرها حين قالت و هي تدلف داخل الشقة :
– إنتِ مادلين أليس كذلك؟
قالت مادلين في تساؤل:
– نعم، ولكن كيف عرفتي ؟
– أرسلتني يارا للنظر إلى مشكلتك!
تبسمت مادلين و هي تقول :
– اه جيد، انتِ إذن من تساعدني في إيجاد وظيفة أليس كذلك؟
سكتت السيدة لحظة قبل أن تقول في نبرة حادة:
– أنا من سيجلب لكي حقوقك من الظالم الذي تزوج بك وتركك هكذا.
شبكت مادلين صوابعها ثم قالت وهي تعود للجلوس في مكان جلوسها :
– عَفُوًّا ؟ لا أفهم ما تعنيه سيدتي ؟
مسحت السيدة بطرَّف أصبعها على خدّها قبل أن تردّف قائلة :
– أُدعى مدام هيلدا ميدوكس، أنا هُنَا من أجل رَدٌّ المظالم ، أو يمكنك قول أنني هُنَا لكي أجعل مادلين سيدة عظيمة !
سوف نتابع في الفصل القادم ما تبغيه السيدة هيلدا من مادلين ، وما تقصده من حديثها، رغم أن مادلين كانت تشُّك في حديثها، لكن هناك دَائِمًا شيء جديد ننتظره في الفصل القادم ، من يدري ربما مادلين لديها ما تقدمه لمادلين الحزينة.