روايات عربية

روايات رومانسية الفصل الثاني رواية التباس

روايات رومانسية بقلم : صلاح شانوة

، روايات رومانسية عدنا لكم بفصل جديد من روايات رومانسية ، مع أحداث أكثر تعقيداً و تساؤلات البطلة التي وجدت نفسها بين ليلة و ضحاها في عالم آخر. ماذا ستفعلوا إن كنتم في مكانها….

روايات رومانسية الفصل الثاني رواية التباس

روايات رومانسية الفصل الثاني مستر کروجند

بين الوعي و الإغماء شَاهَدَتْ أنتيل بطرّف عينيها المتعبة فتاة تجول ساحة الغرفة و تنظف آثار الدماء، حاولت جاهدة رؤيتها جيدًا لكنها كانت تشعر بثقل في أطرافها و لسانها ما جعلها لا تتمكن من ذلك، حتى نامت مجددًا و حلقت في سماء الأحلام، لم يكن حُلْمٌ الليلة كأي حُلم، إنه حلم ممزوج بأرتال الرصاص الذي أطلق في ساحة شقتها …

فقد شاهدت في منامها بأنها وَسَطٌ غابة ذات أشجار صفراء و بالقرب منها سيدة مُسنَّة تضع إناء من البلاستيك بين فخذيها و تحلب بقرة بيضاء، بينما زوجها الكهل يمسح بيديه على مؤاخرة البقرة حتى لا ترفض إعطائهم الحليب، حاولت أنتيل أن تصل إليهم لكن البقرة حدثتها و حذرتها من القدوم ، حينها كانت تشعر بالخوف بعد أن رأت البقرة تفتح فمها و تحدثها بنظرات غاضبة….

اقرأ على موقعنا أيضا: رواية التباس

لكنها لم تبارح المكان إلا بعد أن شاهدت البقرة تأكل السيدة المسنة و زوجها ، ثم قطعت القيود و هربت نحوها. استيقظت انتيل مفزوعة لتجد نفسها في غرفتها و مبخرة تتصاعد منها رائحة الصندل و المسك، سألت نفسها كَثِيرًا حين وجدت الغرفة نظيفة، فهي لا تعرف من قام بذلك …

نهضَت بثقل و توسطت السرير ثم جمعت خُصلات شعرها المبعثر ، و جميع أطرافها كأنها مقيدة، تلفتتَّ يمينًا و يسارًا باحثة عن والدتها، خال لها بأنها في مقعدها المُعتاد حين هتفت بصوتٍ فاترَّ :

– أمي أين أنتِ ؟ هل أنتِ بخير؟

أصيبت بالدهشة عندما وجدت مقعدها خال و تبين لها بأنها ليست داخل الشقة، ثم جلست تتوسط الصالة و تضع رأسها بين كفيها بشيء من الحيرَّة، في تلك اللحظة كانت شمس العاشرة صباحًا قد غزت ثقوب النافذة المغلقة التي أحدثتها تلك الرصاصات التي أطلقت ليلًا، كانت هذه الثقوب هي الشيء الوحيد الذي أكد لها بأن ما حدث في الليلة الماضية لم يكن كابوسًا بل حقيقة

لم يخب ظنَّها عندما تنبأت بأنها مُقبلة على ليلة تحمل من البؤس ما يكفي، و من الخوف ما يُريب، و لم تكن على خطأ عندما دعت الله أن تنقشع تلك الظلمات التي جعلت منزلها مثل وكر مهجور، منزل فاقت فيه و لم يكن ذاك المنزل الذي ألفته مُنْذُ نعومة أظافرها، حيث ثقوب الرصاص جعلت النافذة مثل المصفى، و الجدران صارت باهتة بدوائر الرصاص، و تلك اللوحات الثمينة التي سقطت أرضًا و تكسرَّ زجاجها و إطارها الخشبي.

لم يكن أمامها سوى أن تبحث عن والدتها أولًا، فقد كان هذا هو الهمّ الشاغل لديها الآن، الجدران يمكن ترميمها ببضع دولارات، و اللوحات يمكن شراؤها من سوق هوبم العام ، لكن الأم لا تعوض بالمال و تستحق أن تبذل الغالي و النفيس لأجلها. كان سؤال واحد رسم استفهاما على كل قسمات وجهها:
– أين ذهبت أمي ؟ هل اختفت؟ أم تلاشت . لا يمكن لأمي أن تختفي بمحض إرادتها، كيف لسيدة في العقد السابع من عمرها الاختفاء بهذه الطريقة ؟

في الوقت نفسهُ كانت موقنة بأن هناك قُوَّةً عظمى هي التي فعلت كل هذا ، لكن لم يكن هناك سببًا لكل هذا، فهي ليست فتاة سيئة حتى يفكر أحدهم بالانتقام منها، كما لم يكن لها ماضٍ مؤسف أو سيء حتى تكون هذه نتيجته، و لكن ليس أمامها سوى أن تصدَّق كل ما جرى.

لكنها لا تؤمن بفرضية هجران والدتها لها، حين قالت و هي تغمغم:
– لا، لا، أمي لا يمكنها فعل كل هذا، لأن المرض قد أنهكها و هي تحبني كَثِيرًا

ثم ترددت كلمات والدتها الأخيرة على أذنيها عندما قالت لها تلك العبارة المخيفة:
– أنهضي و أهربي أيتها البنت اللعينة، أهربي و إلا قتلتك كما قتلت والدك .

لوهلة ارتعش جسدها، لكن عَادَتْ و تماسكت شيئًا فشيئا عندما نظرت لساعة الحائط الملقية وسط ساحة الشقة، حينئذٍ أدركَّت بأنها العاشرة و النصف صباحًا. دلفت بِخفَّة نحو غرفتها و نزعت عنها ملابسها ثم ارتدت بنطال أبيض و قميص أسود و معطفًا بُنَّي. كانت كلمات والدتها جعلتها تستحضر تلك اللحظات التي عثرّت فيها على جُثة والدها في غرفتها في صباح الثالث من أكتوبر من عام 2012، فقد مضى على وفاته خمسة أعوام…

وها هي تسترجع تلك اللحظة التي كانت فيها والدتها تحمل أكواب القهوة و تغسلها بعناية ثم سألت نفسها :

– هل تلك الأكواب التي كانت تغسلها والدتي كان من بينها كوب السم الذي تجرعه والدي ؟ بالفعل والدي مات مسمومًا. لا، لا، لا يمكن والدتي أن تفعل هذا مطلقًا.

ثم طردَّت وساوس النفس و الشيطان عن فكرها و غادرت الشقة لتبحث عنها، من يدري ربما تجدها في أقسام الشرطة أو إحدى المستشفيات. لوهلة ترددَّ على مسامعها صوت جارتها التي في الطابق الثاني تصيح بصوتها الرخيم و هي تفتح النافذة المُطلَّة على الشارع، و صوت كلبها الذي يبدو متلهفًا لوجبة الإفطار:
– کروجند استيقظَّ، استيقظَّ و دَّع هذا النوم الثقيل و إذْهَبْ لعملك.

هنا فكّرَّت أنتيل بسرعة، ثم عادت داخل المبنى واعتلت
الدرجات حتی استقرّت أمام باب شقة السيدة ، ثم طرقت الباب بطرف أصبعها بلطف، بعد بُرَّهة انتابها شعور بأن السيدة تنظر لها عبر العين السحرية، خاصة عندما سمعت صوت فحيح ثيابها يحتك بالباب، ثم أعادت طرق الباب مُجَدَّدًا لكن بلا فائدة…

عم المكان صمت مريع، ما عاد حتى كلب السيدة ينبح و كأنها أخرصته عنوةً، و لكن رائحة البيض و اللحم و الحليب الذي يبدو قد أحترق في النار هو الدليل على وجود السيدة، حينئذٍ أدركَّت أنتيل بأن السيدة لا ترغب في استقبالها، هنا استدارت على الفور وهي تسب و تلعن:
– سكان هذه المنطقة جميعهم متعجرفين و غير متعاونين ، ماذا أفعل الآن؟

هنا ومضت لها فكرة آخرى، فكرة التوجه لقسم الشرطة الذي لم يكن بعيدًا و لكن شيء ما قال لها :

– أنظري لنافذة السيدة مرة آخرى.

ثم عادت للنظر مُجَدَّدًا لنافذة السيدة، هنا تفاجأت بأن النافذة قد أغلقت تمامًا، تلك كانت بمثابة رسالة مكتملة تؤكد لها رفض السيدة استقبالها، في تلك اللحظة كانت حركة الشارع ليس كما كانت في أيام ما قبل الإجازة، حيث بعض المحلات مغلقة و الشارع ينبض بالحياة قليلًا مع بعض حركة السيارات….

كان قانون بلدة هوبم تغيير مواعيد العمل في أيام العطلات و الإجازات الوطنية التي تدوم شَهْرًا . بحثت عن هاتفها المحمول في جيب معطفها ثم أصبحت تبحث عن رقم هاتف شرطة النجدة و لكن قطَّع بحثها رنين هاتفها من رقم غريب ردَّت على المتصل قائلة:
– مرحبًا !

لم يكن صوت المتصلة غريبًا، بل هو ذاك الصوت المريب الذي حدثها ليلة البارحة، و لكن هذه الْمَرَّةَ كانت المتصلة تجهش بالبكاء و تنِفَّ بأنفها :

– أنتيل دومنيك، أنا آسفة لما حدث لكم ليلة البارحة، أنا لا أستطيع تحمل كل هذا، الآن …

– من أنتِ و أين والدتي؟ رجاءً دعوها تعود لأنها مريضة و لم تأخذ العلاج مُنْذُ البارحة.

قالتها أنتيل مقاطعة للسيدة بعد أن إتخذَّت جانبًا من الطريق العام حين وقفت بالقرب من شجرة مخضرة و الهواء يداعب خصلات شعرها المبعثر ، و يتطاير الشال الصغير الذي وضعته على رأسها، هنا ردَّت المتصلَّة :

– صدقيني والدتك هي السبب في كل ما جرى، فقد رأيتِ صديقاتي جميعهن قد ماتوا في غرفتها، الآن أنا سأعطيك هذا العنوان للذهاب إليها و أخذها معك للمنزل، و لكن حذاري من إبلاغ الشُّرْطَةَ حتى لا تضيع عليك فرصة اللقاء معها.

– أعطني العنوان و لن أبلغ الشرطة .

العنوان هو أن تذهبي بعد ساعة من الآن إلى محطَّة ريموند كلوس. في تمام الثانية ظهرًا ستأتي حافلة صفراء بالرقم 890، ستاخذك إلى بلدة هو بم ليما، و من هناك سأتصل بك و أخبرك أين تكون والدتك. إلى اللقاء.

– انتظري لا تغلقي المحادثة !

أغلقَّت المتصلة المحادثة بسرعة ، تاركةً أنتيل وسط بِركة من الهموم و الحيرة التي لا تعلم أين ستأخذها. نظرت يمينًا و يسارًا و لم يكن هُناك ما يبعث بالأمل، لم يكن أمامها خيار آخر. شعرَّت بحوجتها لمن ينصحها فلم يكن لديها سوى صديقة واحدة تسكن في بلدة أخرى، حينئذٍ إتصلت بها و هي تبكي و تسمع رنين الهاتف دون مجيب، شعرت بأن على رأسها هم ثقيل وواقع صار أكثر تعقيدا…

إنها أسوار الهِموم . تلك الأسوار التي تجعل من هُمَّ خلف القضبان أكثر رفاهية منك ، حين تفرض عليك الحياة هذا النوع من الخوف و البؤس فأنت من القلائل جِدًّا في السعادة في حياتك. قد تجد المركب التي تبحر معك و تتركك وَسَطٌ الأمواج، و قد تجد سفينة تأخذك إلى ما قبل الشاطئ، و لكن نادرًا ما تجد تلك السفن الشراعية التي يقودها الكادحين و البؤساء من القوم الذين قضوا جُلَّ ليالي العمر وسط الأمواج ليأخذونك لبر الأمان حينئذٍ ستشعر بأنك شخصًا مَحْظُوظٌ جدا، و لكن أنتيل لم تكن بهذا الحظ العظيم.

انطلقت أنتيل تهرول نحو محطة ريموند كلوس، عازمة الوصول قبل الموعد المحدد . عندما أعلنت الساعة الواحدة و النصف كانت تقف بمفردها مرتدية قبعة سوداء و معطف صوف أبيض، و بنطال رمادي و على يدها حقيبة سوداء، و حذاء ذو كعب عالٍ ، كانت تخفي حزن عينيها و خوفها بنظارة سوداء و هي تتلفت يمينًا و يسارا في كل لحظة تقترب فيها سيارة أو حافلة لكنها سرعان ما تعبر بسرعة البرق و تختفي بين السراب ، شَعُرَتْ بالملل عندما أعلنت الساعة الثالثة و لم تأتي الحافلة كما قالت المتصلة، ثم أصبحت تغمغم وتحدث نفسها سِرًا :
– مكالمة هاتفية من رقم غريب تأتي بكِ إلى هُنَّا، يا لكي من مهندسة متخلفة يا أنتيل.

في تلك اللحظة انفصل إحساسها بالواقع و شردّت بذاكرتها إلى تلك الأيام التي كانت تسأل والدتها عن بقية أفراد العائلة وكانت تتهرب عن الأجابة على هذا السؤال مِرارًا ، حينها لم تكن تهتم بذلك كَثِيرًا خاصةً و أنها مهتمة بالتعليم و التخرج من كلية الهندسة، إلا أن زملائها كثيرًا ما يعيدون هذا السؤال في كل مناسبة أو إحتفال . كان سؤالًا صعبًا لا تجد له إجابة.

كل سؤال نعجز أن نجد له إجابة فهو سؤال صعب و سيشكل هاجسًا في حياتنا، لوهلة وقفَّت حافلة صفراء بنفس الرقم الذي ذكرته المتصلة، ثم أطلق أبواقًا و حينها انتبهت أنتيل بأنها المقصودة ، بعد أن قرأت لافتة السيارة بعناية ثم ركبت و جلست في المقعد الخلفي نظرًا لوجود أشخاص علی المقاعد الآخری، فقد إتخذَّت مقعدًا منفردًا و جلست تلاصق النافذة . انطلق السائق البدين المتعجرف يسابق الرياح و يتمايل هنا و هناك و هو يحدق عبر المرآة نحو أنتيل ثم يبتسم تارة و تارة أخرى يضحك.

مرَّت ساعات طِوال حتی تقلّص عدد الرُكَّاب و لم يبقى منهم سوى أنتيل و فتاتين أخريات كُنَّ في نوم عميق. بينما كانت أنتيل تنظر لساعة هاتفها المحمول لتجد بأن الساعة قد أعلنت العاشرة لَيْلًا دون أن تتوقف الحافلة حتى لتناول وجبة الغداء، و دون أن يتفوه كل من الركاب بكلمة، كانت تقف الحافلة في محطة لبضع دقائق ثم ينزل عدد من الركاب و يواصل السائق السير…

كانت تقرأ اسماء المحطات لعلها تقرأ إسم المحطة التي ذكرتها السيدة، هنا شعرت بالضيق عندما نهضت و توجهت نحو السائق لتقول بضيق و انفعال و هي تلوح بيديها :
– أين محطة هبوم ليما!

أخذّ السائق جرعة ماء من الكوب الذي يضعه أمامه على يسار مقعده ثم رد قائلًا بعدم إهتمام :

– سنصل بعد ساعة، عودي إلى مكانك .

  • برأيكم إلى أين ستذهب أنتيل ؟
  • هل ستتمكن من رؤية والدتها حقا ؟
  • كيف كان الفصل ؟

إلى لقاء في فصل جديد من روايات رومانسية ستجد المزيد من روايات رومانسية و قصص مختلفة على موقعنا ، أننا نسعى للتنويع على موقعنا بنشر روايات رومانسية و غيرها من القصص والروايات

الموضوع حصري
Published by
الموضوع حصري

Recent Posts

افضل روايات غموض الفصل الثالث رواية التباس

افضل روايات غموض عربية سوف تمر عليك ، نسبة لقوة و خصوبة خيال المؤلف ، حين…

20 ساعة ago

روايات جديدة الفصل الأول رواية التباس

روايات جديدة على موقعنا ، في عالمنا المثالي الذي ننسجه لكم ، من أجل الخروج بنصوص…

3 أيام ago

قصص قصيرة نظرات خلف جدران الصمت

قصص قصيرة حديث النظرات و الخواطر أعمق لغة يمكن أن تصل بها الرسائل ، في وصف…

4 أيام ago

قصص مكتوبة متوسطة الفصل العاشر قصة من سرق خاتم اماندين

قصص مكتوبة متوسطة نتعمق في فصل جديد ، نبحر في عالمنا الخيالي المميز ، نغوص في قصص…

أسبوع واحد ago

قصة من فرنسا قصة من سرق خاتم اماندين

قصة من فرنسا في عالمنا المثالي ، نعيش في أجواء مفعمة بالغموض و نحن نقرأ قصة من…

أسبوعين ago

قصص من فرنسا قصة من سرق خاتم اماندين هارولد

قصص من فرنسا احيانا قد تتشابه لدينا تفاصيل صغيرة منا من ينتبه لها و منا من…

أسبوعين ago

هذا الموقع يستخدم الكوكيز

اقرأ المزيد