رواية قصيرة سري للغاية الفصل الرابع

ثم انطلق ميدوك قَاصِدًا منزله بسرعة جنونية، و انعطف يسارًا ، حينها وقعت عيناهُ نحو سيدة تقف جانب الطريق بين يديها طفلاً. وقتئذٍ تسائل في نَفْسَهُ في حيرة

رواية قصيرة بها أحداث مشوقة في موقع قصص وروايات لن تجد له مثيل ، نحن نعمل بكل جهد في نشر اجمل الروايات العربية و هذه رواية قصيرة بها فصول محدودة تحتوي على العديد من الغموض والتشويق.
أَلْقَى ثلاثة فِتْيَةٌ حِجَارَةً على ظهرّ كَلْبٌ نائم يَتَّخِذَ من حوض شَجَرَةِ ذات فروع ممتدة وأوراق مترامية مخبئًا له ثم ولوا هاربين والكلب خلفهم يطاردهم ببسالة حتى غادروا المكان وعاد ليكمل نومهُ المتقطع . حينها تغطت سادوني بثوب الهدوء والسكينة، عدا بعض الأصوات التي حملتها نسمات الليل الأشخاص يتسامرون ويضحكون، ورجل طاعن في السن يفترِش الأرض بالصُحف اليومية وبدا عليه القلق حين تجمعت غيمة سوداء في الأفق وأنذرته بهطول المطر .
عندئذٍ كان جاكوب حائرًا يتوسط ساحة منزله، بعد أن فشلَّت جهودهُ في العثور على تلك السيدة، ولم يَتِرُكَ ركنًا إلا وقد بحث فيه، ولا غُرفة ولا زِقاق ولكن دون جدوى، ثم تقدم خطوات بعد أن قرر مغادرة المكان، حتى وقع على مسامعهُ صوت شخص يحرّك مزلاج الباب، بعد بُرهة فتح الباب واندفع فتئ في العقد الثاني من عمره يحمل هاتفًا يضئ به عتمة المكان، وجفل حين وجد جاكوب يقف أمامه وقال بنبرة مترددة :
– سيدي جاكوب لماذا أنت هنا ؟
تابع عبر موقع الموضوع : روايات حب قصيرة
بنظرّات فاحصة وخطوات حثيثة قال جاكوب :
– أنا هُنَا لزيارة السيدة ماريا لوبيس ولكن لم أجدها، هل أنت ابنها ؟ يبدو أنك أتيت لزيارتها أليس كذلك؟
انتفض الفتى وصار يتململ بِشَكْلٍ لا إرادي وقال بنبرة مترددَّة توحي بالخوف الذي انتابه وقتها:
– جدتي ؟ .. لا جدتي…
ثم ابتلع ريقه وكأنه يخفي أمرًا ما ، و تابع يقول وكأنه عثر على إجابتة التي يبحث عنها بعد جُهدّ، وتعلو وجهه ابتسامة زائفة:
– سافرت ! نعم جدتي سافرت إلى شيكاغو لزيارة احفادها، وأنا هُنَا كي أخذ هذه الكراسي للمنزل لأنها قررّت أن تقضي بقية حياتها هناك وعرضت المنزل للبيع !
قال ذلك وهو يشير بأصبعه نحو زاوية ما في المنزل وضعت مقاعد خشبية وطاولة زجاجية. هُنَا قررّ جاكوب الرحيل ولكن لم تقنعه كلمات الفتى الذي كان مضطربًا ويتحدث وكأن الكلمات تخرج بصعوبة من فمه.

رواية قصيرة القسم الثاني

ما أن غادر جاكوب منزل السيدة حتى تفاجأ بعدم وجود سيارة تقف بالخارج، حينها حامَت الشكوك حوله، وهو يحدث نفسه:
– إذا افترضنا أنه جاء لنقل المقاعد لمنزل آخر، على الأقل كان يجب أن يكون مَعَهُ سيارة نقل أليس كذلك، أو شخصًا يساعدهُ في هذه المهمة الصعبة ، و لكن يبدو أنه يكذب لذلك يجب أن أعود كي اتأكد بنفسي مَرَّةً أخرى .
– جاكوب، أين أنت كل هذا الوقت، سمعت صوت سيارتك لكنك لم تدخل المنزل هل أنت بخير .
اخترق مسامعهُ صوت زوجتهُ التي كانت تقف على الشُرفة و تمشط شعرها الغزير، مرتدية بيجامة وردية، و هي تتمايل بجسدها الممتلئ وكأنها عصفور تداعبه النسمات على فرع هزيل، ولكن قابل جاكوب قلقها عليه بالتجاهل وراح يفكر في حيلة تجعله يعود للمنزل مرة أخرى.
أو يمكنكم أيضا عبرنا قراءة : روايات حزينة قصيرة
عاد جاكوب مُجَدَّدًا للمنزل ولكن ما حدث جعلهُ في شِرُّود وذهول بفمٍ فاغر و أطراف مرتعدة، عندما وجد المنزل خاوي والأبواب موصدة، حينئذٍ عاد للبحث عن الفتى في أرجاء المنزل دون جدوى، وقتها خرج مسرعًا وهو يردد:
– لا هذا شيء آخر، هذا شيء بعيد!
– ماذا بك يا جاك هل أنت بخير؟
قالتها زوجته كاترين مندل وهي تجلس بِالْقُرْبِ منه وهما يتخذان رُكنًا شمالي في صالة منزلهم، ويُشكل ديكور الحائط لوحة مبهجة وساحرة، خَاصَّةً عندما تداعب نسمات الهواء الستائر وتحركها بلطف حتى يتسلل الهواء المعجون بدعاش المطر. سَكَتَ جاكوب بُرَّهة قبل أن يَرِّد على زوجته، و قرر حينها أن يسرِّد لها ما حدث علهُ يجد ما يساعده في بحثه.
كانت كاترين مندل في العقد الرابع من عُمرّها، ممشوقة القوام وتغطي عيناها النفاذتين بنظارة طبية لامعة، بين كتفيها جدائل شعرها الغزير. كانت كاترين تعلم الكثير عن قوانين الشرطة والتحقيق، فقد تزوجت جاكوب مُنْذُ أن كانت في العقد الثاني من عمرها، وكانت في مرحلة ما من عمرها تهتم بعمل زوجها و تحلل مَعَهُ و تساعدهُ في كتابة بعض البحوث في اختبارات الترقية. اقترب جاكوب منها وسرد لها تفاصيل ما جرى له في منزل ماريا لوبيس. صرَّت کاترین وجهها ما بدا أنها تنفر من إسم ماريا، واتبعت تقول:
– مُنْذُ أن جاءت لى هنا وأنا لا أحبها، سيدة ثرثارة تتصرف كالفتيات المراهقات، لا يخلو حديثها عن المزاح الساذج.
نهض جاكوب و بدأ في خلع بزته و هو يقول :
– وهل سافرت بالفعل ؟
– أنت تعرف يا جاك إني لا أحبها ولا أهتم لامرها، كما تعلم. ولكن قالت لي جارتي الجديدة أنها ستسافر لرؤية بنتها في شاتو بيرل .
– آه ما يعني أن شيكاغو إكذوبة الفتى !
همهم جاكوب بهذه العبارة وهو يعيد ترتيب بزته عندما قالت زوجته :
– ماذا قلت ؟
– لا شيء !
ثم اتبعت كاترين ساخرة وهي تضحك:
– الشيطان نفسه يهرب من هذه العجوز، دعك من أن يسكن منزلها. سيدة تعيش بيننا منذ سنوات ولا زلت أرى أن أمر بناتها هذا مجرد إدعاء كاذب.
لوهلة تلفت جاكوب عندما شدّهُ حديث زوجته الساخرة، فما قالته كان ملفت للانتباه فِعْلًا ، لفت نظره لشيء هام ألا وهو بناتها، وعندما فكر مع نفسه وعاد بذاكرته لبعض الحوارات التي دارت بينه وبين السيدة ماريا لوبيس كان يسألها عن سبب ابتعاد بناتها عنها وعيشتها وحيدة في منزل كهذا، لكن كانت ردودها مختلفة لأن مبرراتها كانت مختلفة، وقتها كان جاكوب يرى أن بناتها لا يهتمون بها وهي تخفي ذلك:
– افتراض منطقي حقا يا كاترين .
قالها جاكوب في نفسه بين متاهة الفكر والتحليل يتوه الإنسان ويمضي منتصف عمره، وتغيير عجلات الزمن من طباعه وتتحول سعادته إلى انفعالات غير مبررَّة، وتختفي معالم وجهه القديم، وقتئذٍ يدرك معنى العيش في هدوء تام مهما ارتفعت الأمواج.
أعلنت الثانية صباحًا بصوتٍ رنان من تِلْكَ الساعة المعلقة على الجدار والتي كانت على شكل كوخ صغير، حينها كانت مطفأة السجائر قد امتلأت وترددت في ذاكرته كلمات زوجتهُ وهي تطلب منهُ في إصرار بالتوقف عن التدخين، ولكن لم يكن الأمر سهلاً، فهو يرى أنه مسؤول عن أمن بلدة سادوني كلها وأي حدث يمكن أن يكون بداية لكارثة يجب التحقيق مبكراً.
إلا أن نوافذ الشر لا تفتح أبوابها مَرَّةً واحدة، بل تأتي أحياناً خطوة تلو الأخرى. كانت هذه المرة الأولى التي يعجز فيها عن تحديد ما يحدث، و هذا ما تسبب له بالأرق وشلّ فكره، ولم يهتدي لأي فكرة يمكنها أن تذهب به نحو طريق صحیح ودون فشل قد يدفع ثمنهُ شخص آخر أو عائلة أو جيل بأسره.
غادر جاكوب مقعدهُ وتوجه بخطواتٍ ثابته و هو يشعل سيجارته الأخيرة ثم وقف كالصنم يواجه نافذّة مكتبهُ والهواء يغذي عروقه بالاكسجين النقي ويدنسهُ هو بخيوط الدخان التي تهرُّب من فمهُ ، وراح يُفَكِّرُ في زاوية ضيقة لا يدري أي هي بالتحديد، وقتئذٍ رنَّ جرّس باب المنزل حينها انتفض قليلًا وسحق سيجارته على المطفاة.
ثم القى جاكوب نَظَرَةً فاحصة لكاميرا مراقبة الشارع ليبصر سيدة تحمل طِفْلًا بين زراعيها وبدا عليها الخوف وهي تقاوم الرياح التي إزدات وتيرتها ما ينذر بهطَُّول الأمطار ، ثم غادر مكتبه مسرعاً و فتح الباب و هو يقول :
– ماذا جرى لك ؟
– سيدي جاكوب لدي مُشكَّلة أرجو أن تساعدني فقد حاولت الإتصال بِالشُّرْطَةِ ولكن لا إجابة.
غمغم جاكوب مع نفسه :
– هذا حال قسم الطوارئ .
ثم تلفَّت جاكوب عندما أحسّ بِحرّكة على الشُرّفة، علم حينها أن زوجته أَيْضًا فاقت، ثم رحب بالسيدة و أضاء ساحة المنزل وجلست على الاريكة الخشبية وسمحت لطفلها أن ينام على ظهره بجانبها، ثم شرعت في سرّد تفاصيل ما حدث، بصوت متهدَّج:
– كنت عند صديقتي سوزان في منزلها، لأنها كانت تحتفل بعيد ميلاد ابنتها، وأنت تعلم ما يحدث وما يدور من حديث حتى يمضي الليل دون أن نشعر. وعندما انتبهت وجدت الساعة أعلنت الواحدة صباحاً، وقتها حملت ابني متجهة نحو المنزل وما أن بلغت الباب حدث شيء مريب وخرجت على اثره مفزوعة . شيء غريب يا جاكوب لم أرى هذا في حياتي.
– بالفعل يمكن للمرء أن يصادف بعض الأشياء المريبة بعد منتصف الليل ولكن يبقى الإختلاف في ردَّة الفعل. هيا أكملي ماذا جرى بالتحديد ؟
ابتلعت السيدة ريقها وهي تتلفت يمنةً ويسارًا وكأنها تبحث عن شيء قبل أن تقول:
– أريد ماء، هل يمكنك أن تأتي لي بماء لو سمحت ؟
– أنا سأحضره لك !
قالتها كاترين التي لم تكن بعيدة عنهم، وما أن اختفت كاترين حتى قال جاكوب :
– الماء سيأتي، أخبريني ماذا حدث لمنزلك ؟
نهضت السيدة وقلبت جسد طلفها كي ينام على جانبه الأيسر ثم قالت وهي ثائرة وغاضبة :
– و من قال لك إني فتحت الباب؟ من قال لك ذلك، ها؟ هذا مجرد إدعاء فارق، أنت ضابط شرطة استمع لي جِيدًا وبعدها أطرح اسالتك وإلا فلن أجيبك….
في اللحظة التي كانت فيها السيدة تصرخ، أنت كاترين وعلى يدها قنينة ماء ووضعتها أمامها على المنضدة، ثم اقترَّبت من زوجها و وضعت له شيء ما داخل جيبه، حينها اندهش جاكوب وتحسس جيبه ليتبين له أنه مسدسه، تبسم ابتسامة خفيفة وأشار لها بالجلوس .
قالت السيدة بعد أن أَخَذَتْ جُرّعة من كوب الماء، بينما جاكوب ينظر لها بنظرات وكأنه يحاول فهم تصرفها وإن كانت على طبيعتها أم أنها تعاني من مرض عقلي :
– أنا المخطئة يا جاكوب… زواجي من جون هو الخطأ الفادح في حياتي…
ثم سكتتَّ بُرّهة و هي تتلمّس مسندًا كان بجانبها وتغيرت ملامح وجهها بابتسامةٍ عريضة وشعرها يتراقص على تأثير الرياح واتبعت تقول وهي تحملق نحو الفضاء :
– كان يحبني أكثر من نفسه كنا نَحتفل قبل ساعة من الآن، هل تَصَدَّقَ أنه قال لي بأن جدّتهُ سوف تسافر الليلة ياله من كذاب ومخادع .
ما بدا لجاكوب حينها أن السيدة لم تكن بكامل قواها العقلية وما تقوله عبارة عن أحداث مركبة ربما حدثت أو لا، أو أنها تعاني من اضطراب ما بعد الصدمة الذي ذهب بجزء كبير من الإدراك لديها وجعل الأحداث تتراكم في ذاكرتها . عدل جاكوب جلسته ونظر إليها وهو يقول :
– ولكن حتى هذه اللحظة لم أعرّف سبب هرُّوبك من منزلك وكذلك مكان إقامتك و إسمك ، حتى أَتَمَكُّنٌ من مساعدتك.
قفزَّت السيدة في خِفَّة وضربت بقدمها المنضدَّة وصارّت تصرُّخ تارة وتبكي تارة أخرى، ثم سقطت فاقدة للوعي . نهض جاكوب على الفور و طلب سيارة الإسعاف ، و طفلها لا زال على جانبه الأيسر تداعب النسمات شعره الأصفر الجميل .
بعض الليالي تمر بنا بطيئة عنيدة ونحن نعتصر ألمًا ننظرَّ عبر النافذَّة أملًا في شِرُّوق شمس يوم جديد رُّبَمَا يتغير شيء  مضَّت تِلْكَ الساعات ولم ينُم جاكوب إلا دقائق معدودة وهو خلف مقعدهُ، بينما كان في غفوته حتى شعرَّ بِيَدِ باردة تلامسهُ وقبلة دافئة على خديه وفاق على صوت كاترين واهي تقول:
– كانت ليلة متعبة، أنت من يتعب نفسك في العمل لهذه الدرجة يا حبيبي !
قال جاكوب وهو يكافح النوم ويتمطى:
– يجب أن أذهب للمشفى للإطمئنان على السيدة وطفلها، لدي فضول لمعرفة قصتها، من يدري ماذا تخفي، بعد لحظات غادر جاكوب تاركًا خلفهُ طاولة عامرة بوجبة الإفطار وزوجتهُ تبتسم و تقول في نفسها:
– يا لك من شقي يا جاكوب !
أندفع جاكوب بِسُرْعَةٍ داخل مستشفى سادوني قسم الطوارئ وراح يبحث عن إسم السيدة حتى توصل لسيدة بدينة تجلس خلف جهاز الحاسوب وقالت بعد أن أَخَذَتْ رشفة من كوب القهوة الذي أمامها :
– السيدة كان لديها هبوط، والطفل الذي كان معها لم يكن على قيد الحياة عندما جاء إلينا، توفى قبل عشر ساعة من حضوره. وكذلك السيدة هَرَبَتْ ولم نجدها في الصباح لحظة المرور. فغر جاكوب فمه وقال في دهشة:
– الطفل مات ؟
قالت موظفة الاستقبال وهي تعدل نظارتها :
– عندما قام الطبيب بفحص سبب الوفاة تبين أنه مقتول، وهذا مسجل في سجلاتنا وتم إرسال التقرير للجنائية لاشتباه جريمة قتل.
كل عام وأنتم بخير
دعونا نكمل المتابعة لأجمل رواية قصيرة على موقع الموضوع حصري ، هذه احسن رواية قصيرة سوف تقرأ تفاصيلها على موقعنا ، انضم الآن واشترك للحصول على افضل رواية قصيرة عبرنا . نلتقي في فصل آخر من يدري لعل العقدة تحل أو تزداد تعقيداً يسعدني رأيكم حول الفصل صلاح شانوة
المشاركات الأخيرة