قصة حب شاب وفتاة عثر سامر على رسالة غامضة تحت مقعده في المدرسة، لم يكن يعلم أن سطرًا واحدًا سيقوده إلى أكثر الليالي غموضًا
قصة حب حين عثر سامر على رسالة غامضة تحت مقعده في المدرسة، لم يكن يعلم أن سطرًا واحدًا سيقوده إلى أكثر الليالي غموضًا في حياته. من هي “نون”؟ وهل كانت تراقبه حقًا من النافذة المقابلة؟ قصة حب غامضة تدور بين المدرسة وليل المهندسين، تجمع بين الدفء، الفضول، والقدر.
رنَّ جرس الطابور الصباحي وسط ساحة مدرسة العمدة الثانوية العامة، فانطلق الطلاب مسرعين كأنهم سكارى وما هم بسكارى، يتدافعون نحو أماكنهم المعتادة. كانوا يدركون جيدًا أن الأستاذة رجاء، حين تعلن تمام الساعة الثامنة، ستعاقب كل من يتأخر عن الطابور. كانت الأستاذة رجاء امرأة في العقد الخامس من عمرها، ممتلئة الجسم، تلف رأسها بحجاب دائم، ويهابها الطلاب خوفًا من غضبها إن ثارت.
اقرأ المزيد عبر قصص حب حصرية
في تلك اللحظة، وصل سامر متأخرًا بضع دقائق، فما كان منها إلا أن أوقفته وأمطرتْه بسيلٍ من اللوم والعتاب، ثم أمرته بالمجيء في اليوم التالي بصحبة والده. انتهت دقائق الطابور كالمعتاد، وتفرّق الطلاب متجهين نحو فصولهم في صفوف منتظمة، حتى استقر سامر على مقعده في الصف الأول. ورغم طيش سامر أحيانًا، فإنه كان من المتفوقين، وهو ما جعل الأستاذة رجاء تراعيه وتغضّ الطرف عن بعض تصرفاته، آملة أن يرفع اسم فصلها عاليًا بين الفصول الأخرى. لكن صباح ذلك اليوم لم يكن عاديًا… إذ وجد رسالة صغيرة مطوية بعناية تحت مقعده. فتحها بخفة وهو يتلفت حوله خشية أن يراه أحد، وقرأ:
{ ليه أمس ساهرت كل الوقت دة؟ هل بتفكر في شي؟ المخلصة – نون }
لم تتجاوز العبارة سطرًا واحدًا، لكنها كانت كفيلة بأن توقظ حماسه أكثر من أي كوب قهوة. لم يكن يعلم من صاحبة الرسالة، فبدأ يتلفت خلفه متفحصًا وجوه الفتيات في الفصل، علّه يلتقط نظرة أو إشارة، لكن الجميع كنّ مشغولات بالاستعداد للدرس القادم. دخلت معلمة الفيزياء تحمل بين يديها مجموعة من الأدوات والمحاليل، فطوى سامر الرسالة ودفنها في جيبه، بينما سرح ذهنه في احتمالات كثيرة حول هوية مرسلتها. كان سامر فتى في منتصف المراهقة، متوسط الطول، خفيف الشعر، عيناه ثاقبتان واسعتان تبرز خلف نظارة طبية حديثة، وعلى معصمه الأيسر ساعة أنيقة تعكس مستواه الاجتماعي الجيد.
اشتهر بين زملائه بالتركيز والانتباه أثناء الدروس، لكن صباح ذلك اليوم بدا شارد الذهن، تائه الفكر، وكأن الرسالة أيقظت في داخله شيئًا نائمًا منذ زمن. لقد شعر بدفء السؤال المكتوب فيها، دفء افتقده منذ وفاة والدته. ومن هنا بدأ يسأل نفسه مرارًا:
“من هي هذه الفتاة التي تراقبني حتى عند منامي؟”
راح يحلل الموقف عقلانيًا، فهو يعرف جيدًا أن لا فتاة من زميلاته تسكن في حي المهندسين حيث يعيش، فقرر أن يضع خطة لمعرفة صاحبة الرسالة. وما إن غادرت معلمة الفيزياء حتى نهض سامر يجول في أرجاء الفصل، يتفحص الوجوه بعناية، باحثًا عن أي علامة قد تكشف له الحقيقة. لكن جهوده ذهبت سدى. انتهى اليوم الدراسي وغادر المدرسة، مثقلًا بالخيبة والفضول في آن واحد، مصممًا على اكتشاف السر مهما كلفه الأمر. في المساء، جلس في غرفته يفكر، حتى خطرت له فكرة مراقبة نافذة غرفته المواجهة للمباني المقابلة. ربما يرى شيئًا يساعده على فك اللغز.
كانت الساعة قد تجاوزت العاشرة ليلًا، وكان سامر يتمشى في الغرفة ممسكًا بكتاب، يقلد بطريقة طريفة حركات أبطال الأفلام الأجنبية، بينما يراقب النوافذ من حوله. فجأة، لفت نظره ضوء من نافذة في شقة مقابلة، ورأى خلف الزجاج ظلال فتاة تتحرك بالطريقة نفسها التي يتحرك بها هو، وتحمل أيضًا كتابًا بين يديها. رفع سامر يده ملوّحًا نحوها، فما لبثت أن أغلقت النافذة على عجل! تملكه الفضول، ومنذ تلك اللحظة أصبحت تلك النافذة محور تفكيره.
بعد دقائق قليلة، خرج من بيته قاصدًا المبنى المقابل، حتى وقف أمام البواب الذي كان يجلس بجانب زوجته وأطفاله. قال سامر بعد أن ألقى التحية:
– “من فضلك، هل يمكنك مساعدتي في إيصال هذا الكتاب إلى زميلة لي في الفصل، تسكن في الطابق التاسع؟”
أجاب البواب وهو يضبط المذياع القديم أمامه:
– “ما اسمها؟”
ارتبك سامر، وتلعثم قبل أن يقول بصوت خافت:
– “هي ليست صديقتي… لكنها وصية من الأستاذة. طلبت مني أن أوصل إليها هذا الكتاب لأنها ستُمتحن غدًا.”
تردد البواب قليلًا، ولم يبدُ مقتنعًا بكلامه، لكنه قرر في النهاية الصعود معه إلى الطابق التاسع للتأكد بنفسه.
غير أن ما حدث بعد ذلك لم يكن في الحسبان…
كأن قدميه لم تعودا تحملانه. لم يكن يدري إن كان ما يفعله صوابًا أم تهورًا، إذ تسلّل التردد إلى قلبه بين نظرات البواب المشككة، وبين خوفه مما قد يحدث إن انكشف أمره. في لحظةٍ راوده إحساسٌ بالعودة أدراجه، خصوصًا عندما توقّف المصعد في الطابق التاسع. وحين طرق البواب الباب، خرجت فتاة لم يرَ مثلها من قبل. انتفض قلبه، وحدثه إحساسه بشيءٍ عميق لا يمكن تفسيره. لم يلحظه البواب، لكنه كان واضحًا لسامر:
ارتباك في النظرات، ابتلاع ريقٍ متكرر، واتساع بؤبؤي عينين مأخوذتين بالموقف. تلك الثواني المعدودة كانت كفيلة بأن تخبر سامر أن ما أمامه هو الحقيقة التي كان يهرول نحوها.
وقفت الفتاة تجمع كفيها الناعمتين أمامها، وعلى وجنتيها ارتسمت حركة خفيفة، غامضة الملامح، لم تكن حتى هي تدرك معناها. ثم تنحنحت قليلًا، وقالت بصوتٍ عذبٍ رنّان:
– مرحبًا… ماذا تريدون؟
أسرع البواب بالإجابة، محاولًا أن يبدو رسميًّا وهو يتحدث باحترامٍ واضحٍ لهذه العائلة:
– آنسة نون، تعرفي الشاب ده؟ بيقول إن المعلمة بعتاه ليكي، علشان يسلمك كتاب.
وفجأة ظهرت الأم مسرعة من المطبخ، ويداها مغطّيتان بالعجين، وقد بدا أنها كانت تُعد وجبة العشاء. قالت وهي تشير بيديها في حيرة:
– إنت مين يا ابني؟
تلعثم سامر قليلًا قبل أن يقول، متظاهرًا بالثبات، بينما تبادلت نظراته ونون رسائل غامضة يصعب تفسيرها. كانت نون تحاول أن تكتم ابتسامةً صغيرة خشية أن تفضحها ملامحها. قال سامر:
– الأستاذة قالت لي أسلّم نون عبد المجيد الكتاب ده.
رمقته الأم بنظرة فاحصة تشبه نظرة المحقق “كونان”، ثم التفتت إلى ابنتها وقالت بابتسامةٍ ماكرة، وقد أدركت حقيقة الموقف:
– لا يا ابني، بنتي اسمها نون عبد الفتوح!
شحب وجه سامر، وابتلع ريقه بصعوبة قبل أن يتمتم مرتبكًا:
– آه… آسف، يمكن أنا غلط في العنوان… آسف يا خالتي.
غمغمت والدة نون وهي تقول بخبثٍ خافتٍ كأنها تود أن يسمعها وحده:
– عنوان غلط يا مجرم!
أمسك البواب بذراع سامر بقوة، كأنه شرطي يقتاد لصًّا، ثم أنزله من الطابق التاسع وهو يوبّخه بعباراتٍ لم يصغِ إليها سامر أصلًا، فقد كان غارقًا في نشوةٍ غامرة لا تشبه الهزيمة أبدًا.
لقد شعر بانتصارٍ يفوق الخيال فقد عرف الآن أن الرسالة حقيقية، وأن مرسلتها هي نون.
لم يزل عطرها الفوّاح عالقًا في ذاكرته، يتسلل إلى أنفاسه ليُلطف بها أيامه القادمة.
عاد سامر مسرعًا إلى غرفته، وجلس أمام نافذته يترقب ظهور القمر الذي أضاء حياته في لحظةٍ لا تتجاوز ثانية.
من أرسل لي تلك الرسالة؟
فهل كانت تلك الفتاة هي نفسها التي أرسلت الرسالة؟
أم أن سامر كان يعيش مجرد وهم صنعه خياله؟
إلى الملتقى في فصل جديد
اجمل القصص الخيالية الأسرية. تدور حول ذلك السر الذي تحتفظ به سعاد، مع الحاج بناتها…
كادت روحه تخرج من مكانها، إذ تسارعت نبضات قلبه في حيرة وخوف بعد أن أدرك…
الطلاق أبغض الحلال عند الله سبحانه و تعالى . لَكِنَّهُ لا يعني نهاية الحياة .…
الربوت الذكي يقود صاحبه لاكتشاف شيء مريب ما كان يعلم بأن قدرة هذا الربوت الذكي…
حكايات قبل النوم للكبار ، سيدة في منزلها تقوم بالأعمال الاعتيادية ، حينها تفاجأ بأنها…
قصة عشق حب بلا حدود كان مقدرًا لها ذلك، وهي تعلم حقيقة كل ما جرى .…
يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط.
اقرأ المزيد